/ صفحة 17/
قدسيته، مع علم الله بهم، وخيرته التامة بأعمالهم، واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون .
سواقي الفضل والإحسان، خير مدد للإيمان:
والنداء الخامس هو قوله تعالى:"يأيها الذين آمنوا نعمة الله عليكم إذهم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم، واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنين، وقد تقدم بيان المقصود منه، في العدد الماضي، حيث أبحي الله رسول والمؤمنين من كيد عدوهم ومؤامراتهم عليهم، وسواق الفضل والإحسان خير مدد للإيمان وحسن التوكل، وفي هذا التذكير تقوية لقلوبهم، وبشارة بنصرهم وتأييدهم، ما داموا على ربهم دون سواه معتمدين، وصرف لهم عما عسى أن يراودهم من التعويل على غيره، والتماس الأمن والطمأنينة من سواه، وهو بهذا تمهيد لآيات النهي عن اتخاذ أعداء الله أولياء، كأنه يقول لهم: أن شأني معكم أن أحفظكم وأدراً الشر عنكم، ولا أمكن عدوكم مكنم، لأنكم أوليائي، وأنا وليكم:، فلا تركنوا إلى غيري، ولا تتولوا سواى، ولا تطلبوا الآمن والسلامة إلا من طربقي .
لا سبيل للفلاح إلا ابتغاء الوسيلة إلى الله:
وكذلك النداء السادس: "يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا فيه سبيله لعلكم تفلحون، فهو إيذان بأن ابتغاء الوسيلة إلى غيره، ومن بينها اتخاذ أعداء الله أولياء، لا يحدي صاحبه نفعاً، ولا يكسبه نصراً ولا أمنا" وإنما يكسبه ذلك أن يكون الله وليه، وأن يجاهد في سبيله، فذلك هو الذي يرجي فلاحه، وينتظر نجاحه .
ولا شك أن هذا مبدأ من أقوى المباديء التي تصلح عليها الأمم، وتستقيم بها العقول، وتشحذ العزائم
والهمم، إذ يؤمن كل أمريء بأن الفلاح لا سبيل إليه إلا ابتغاء الوسيلة الله، والجهاد في سبيل الله، فإذا ابتغي الناس الوسيلة إلى الله أرضوه بطاعته في أمره ونهيه، وإذا جاهدوا في سبيله قمعوا الباطل، ونصروا الحق، وأقروا في مجتمعهم الخير، ونفوا عنه الفساد والشر .