/ صفحه 165/
الخطب وفرسان الجدل ممن شغلهم هذا الفرع أو شغلوا أنفسهم والناس بالفروع فنسوا الاصول وأنسوها؟
قلت: يقول: "كنا أناساً على دين" أفيعني أنهم لم يصبحوا على دين؟
قال: أزعم أنا أن الوحدة هي أصل هذه الشريعة المحمدية، فأين أنت منها إذا عملت على أن تبعثها شيعاً وأحزاباً؟ إنه لمن حقك ـ إذا شئت ـ أن تحتج "بمفهوم المخالقة" في قوله: "كنا على دين" وإنى لادعو شيوخ الإسلام إلى أن يعطوا هذه المسألة ما هي حقيقة به من جد التفكير، وما يترتب عليه من صدق التقدير وسلامة التدبير.
قلت: أولا يتدبرون القرآن؟
قال: من تدبر القرآن لم يمسكه "فرع الكلام" ولم يلهه تحبير الخطب عن جليل الخطب النازل جراء جدل ما كان أغنانا عنه لولا الاستجابة إلى نزغ الشياطين.
قلت: إنه لمن اليسير أن تسمعوا الخاصة وهي لاشك باذلة قصارى جهدها في جمع الشتات وتدارك ما فات. ولكن البلية في أن العامة ليست لها أذن واعية إن المقدمات لمؤديات إلى نتائجها ضرورة، وليس في وسع عاقل أن يجادلك
إذا أنت بينت له أن الفروع ما كانت لتطغي على الاصول. وأن من شأن المسلمين أن يذهبوا مذاهب شتي في تلك على وحدة المذهب في هذه.
قال: رويدك بعض الثرثرة. فإن عامة المسلمين براء مما تحاول أن ترميها به.
و إن لها لغريزة واعية أوعي من عقول أصحاب المقدمات والنتائج. لقد ينسي الرجل الامي أنه شافعي أو مالكي، ولكنه لا ينسي أبداً الوحدة الإسلامية.
لو قلت: لو أن للخاصة أذناً واعية لما عدوت الحقيقة الواقعة.
قلت: فإني أرى الخاصة قد استجابت إلى دعوة التقريب، فمتيترى العامة تدخل فيها أفواجا؟
قال: وهل خرجت منها حتى تريدها على أن تدخل فيها؟ لقد عمل أهل القطيعة داخل البلاد الإسلامية وخارجها على أن تصبح "الطائفية" أو "المذهبية"