/ صفحه 164/
قال: فأما أنا فموقن بأن الإسلام أراد المسلمين على أن يقاتلوا فيقتلوا ويقتلوا، أو يغيروا أو يغار عليهم.
قلت: أي أنه يطبق حكم دريد بن الصمة.
قال: ولم لا؟ "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون" وإنما الفرق بين الحالين أن القوم في جاهليتهم كانوا يقاتلون في سبيل الشيطان، على خلاف المسلمين الذين يقاتلون في سبيل الرحمن.
قلت: العجيب أن قاعدة القتال هذه قاعدة آدمية شاملة، فكذلك كانت الفرنجة أيام فروسيتها، كان القتال شأن السادة. وكان على العبيد كل شيء إلا القتال فهم معفون منه، وقد يقتل السيد فلا يصيب العبد أكثر من أن يستبدل بسيده القتيل سيداً آخر هو القاتل.
قال: فتعلم أن دلالة فساد النوع هي أن ينحرف السيد عن سبيله هذه التي سلكه فيها الطبع قبل أن يقره عليها الوضع.
قلت: أفمودى هذا أنا أصبنا بما يسمونه "فساد النوع" وأنه لا دليل على البرء من هذا الداء إلا أن نعود سيرتنا الأولى مقاتلين في سبيل الله؟ أهى إذن دعوة إلى الجهاد والاستشهاد؟
قال: لا تفتر على شيخك، فما كنت داعية جهاد. وإنما أقول: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" ولست أشك في أن لكل زمان "ضرباً من المصلحة ونوعا من العبادة" كما يقول أبو عثمان: بيد أنى أعمل مع العاملين على نشر دعوة أخرى محلها وحدة المسلمين التي تبددت، ولله ما أصدق القائل الذي رآها تتبدد.
ما كان أغني رجالا ضل سعيهمو * * * عن الجدل وأغناهم عن الخطب
كنا أناساً على دين ففرقنا * * * فرع الكلام وخلط الجد باللعب
أتحس هذه اللوعة: لوعة رجل يدرك مدى أفاعيل "فرع الكلام" وأصحاب