/ صفحه 163/
قال علم في رأسه نار، فليس تعرفه بأخته أو بعرسه.
قلت: عرسه "سليمي" التي قال فيها وفي أمه:
أرى أم صخر لا تمل عيادتي * * * وملت سليمي مضجعي ومكاني
و ما كنت أخشى أن أكون جنازة * * * عليك ومن يغتر بالحدثان
أهم بأمر الحزم لو أستطيعه * * * وقد حيل بين العير والنزوان
ذلك بأن علته من طعنة أصابته في جنبه طالت، فكانت أمه إذا سئلت عن حاله قالت "بخير" فأما سليمى فكانت تقول: لا هو حي فيرجي، ولا ميت فينعي. ويزعمون أنه رآها تغازل قريباً لها أو يغازلها، فقال لها هذا القريب: متي يستباح هذا؟; مشيراً إلى كفلها; وقد كان يريد أن يبني بها، فتقول: عما قريب. فحينئذ أراد العليل أن يقتلها فقال: إلى بسيقي، فلما أتي به أراد أن يستله من غمده فعجز. وماذا يجديه أن بهم بأمر الحزم ما دام غير مستطيع.
قلت: لله ما أشقها حياة تلك التي كان القوم يحيونها. فهم قتيل ومنتظر أن يقضى نحبه، ولا ثالث إلا أن يكون من سقط
المتاع. لا في العير ولا في النفير، أو من الطبقة الثالثة على حد تعبير الفرنجة.
قال: أو كما قال دريد ابن الصمة:
يغار علينا واترين فيشتفي * * * بنا إن أصبنا أو نغير على وتر
بذاك قسمنا الدهر شطرين قسمة * * * فما ينقضي إلا ونحن على شطر
يقتلون عدوهم أو يقتلهم وتلك غاية عيشهم.
قلت: عيش الجاهلية الأولى التي أراح الله الدنيا منها برسالة خاتم الانبياء والمرسلين سيدنا محمد صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال: بل عيش السادة الكرام، ولا والله ما أنكره الإسلام، بل أبقاه فيما أبقي من حسنات الجاهليين.
قلت: فإني لا أعلم أن الإسلام يريد الناس على أن يقاتلوا أبداً فيقتلوا ويقتلوا.