/ صفحه 152/
ولكنهم لم يبقوا عبيداً إلى القيامة ـ كما زعم عبيد ـ بل انتقضوا مرة أخرى وقتلوا ربهم، وشردوا امرأ القيس وعلموه البكاء; وتغير بإزائه موقف عبيد.
وانتصرت تميم على اليمن، في يوم الكلاب الثانى، ومدح شعراء اليمن تميما، وأشادوا بشجاعتها، وأسر عبد يغوث قائد اليمن، ورثي نفسه قبل أن يموت بقصيدته المشهورة:
ألا، لا تلوماني، كفي اللوم مابيا * * * فما لكما في اللوم خير ولاليا
و تضحك مني شيخة عبشمية * * * كأن لم ترى قبلي أسيراً يمانيا
* * *
و شهد الإسلام إبان مشرقه، فصلا من فصول الصراع، بين يمن وعدنان، يمثل الأولى أبنا قيلة: أنصار رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ويمثل الأُخرى قريش; تقارعت فيه السيوف، ببدر وأحد وغيرهما، وتقارعت الالسن، بين شعراء الرسول من الانصار: سادتنا حسان بن ثابت، وعبدالله بن رواحة، وكعب بن مالك; وشعراء قريش. عبدالله بن الزبعرى، وأبى سفيان بن الحرث، وعمرو بن العاص. على أن ذلك كان يستره حجاب من الجهاد في سبيل الدين، ينأى به عن الشهوات الجاهلية، والعصبيات القبلية; حتى إذا لحق الرسول بالرفيق الاعلى، تحرك رأس الافعي يوم السقيفة، فسمع المسلمون من يصيح: نحن الخلفاء لاننا آوينا ونصرنا; أو: منا أمير ومنكم أمير. ومن يقول: إن العرب لا تدين إلا لهذا الحي من قريش; ولكن: نحن الامراء وأنتم الوزراء.
فإذا انتقلنا إلى "الشورى" سمعنا مروان بن الحكم يقول لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: إنك إن تول عثمان لا يختلف عليك قرشي، فيقول عمار بن ياسر: إنك إن تول علياً لا يختلف عليك مسلم!
حتى إذا بلغت صفين، رأيت أبا تراب ـ كرم الله وجهه ورضي عنه ـ يقول:
ناديت همدان والابواب مغلقة * * * ومثل همدان ثنّي فتحة الباب(1)