/ صفحه 136/
هذا رأي لبعض العلماء، ولا أراه سديداً، إنما الرأي السديد ما عليه جمهور العلماء من أن الحق واحد، وحكم الله في كل مسألة معينة، وقد نصب الله الدليل الذي يدل عليه، فمن المجتهدين من يصل إليه ويصيبه، فهو ا لذى يوصف بأنه مصيب، ومنهم من لا يصل إليه، بل يظن غيره، فهو مخطىء. ولكنه معذور في خطئه، مغفور له هذا الخطأ مادام قد بذل جهده في تعرف الحق غير متبع هواه ولا مقصر في استكمال وسائل النظر والحكم، بل ورد الخبر الصحيح بأن المخطىء مثاب كالمصيب، غير أن المخطي ء له أجر واحد على اجتهاده وبذله الواسع، والمصيب له أجران، أجر على ا جتهاده، وأجر لاصابته.
ثم نظر فضيلة الأستاذ الاكبر إلى وقال:
وليس المقام الآن مقام تحقيق ذلك، وبيان ما استدل به كل فريق على ماصار إليه، ومعرفة الراجح منهما، لكن يمكن أن نستخلص من هذا العرض الوجيز بعض الفوائد التي لعلها تناسب فكرة التقريب:
أولا:أن كل فريق من هذين الفريقين، يرى المجتهد مأجوراً فضلا عن أن يكون خطؤه معفواً عنه، فاذا علم أتباع المذاهب الفقيهة أو الكلامية ذلك، لم يكن لهم بد من احترام بعضهم بعضا، والترفع عن الاحتفاظ بالضغائن والاحقاد التي تكون عادة بين المختلفين الذين لا يعذر بعضهم بعضا، ولا يقدر بعضهم اخلاص بعض ورغبته في الوصول إلى الحق، وهذه السماحة هي الخلق الذي كان يتصف به الائمة أنفسهم، فلم يعرف عن أحد منهم أنه طعن صاحبه، أو اثمه، أو نقصه حقه، أو حاول أن يقطع ما بينه وبينه من صلة الاخوة في الدين والعلم.
ثانياً: إن كل واحد من الفريقين يفتح المجال للنظر والاجتهاد وبذل الوسع في معرفة الحق، والاعتماد على الدليل والحجة وما يولد العلم أو الظن الراجح، فليس المرجع في حكم من الاحكام، أو رأى من الاراء، إلى أنه مذهب فلان