/ صفحه 132/
إلا أحبك، وكدلك القول في الذلة على المؤمنين، والعزة على الكافرين، فإن من ذل للمؤمنين اقتضاه ذله لهم أن يترفع على أعدائهم، ويتنكر لخصومهم، ويبذل جميع عواطفه وقواة لتحقيق ذله لمن أحبهم وأخلص لهم، والجهاد في سبيل الله إيثار لما عندالله، فلا يمكن أن بجامعه الخوف من لومة لائم، ومن لا يخاف لوماً في الله، لا يقصر عن بذل روحه وماله في سبيل الله .
ولهذا المعني جمعنا الكلام على كل صنفين في نسق واحد.
و قد بين الله بعد ذلك لعباده المؤمنين أن وليهم الحقيقي هو ا لله ورسوله والمؤمنون العاملون بدينهم، الخاشعون لربهم، فإليهم فليتجهوا، فإنهم حزب الله ومن يتولاهم تولاه الله بالنجاح والفلاح، ونصره على أعدائه نصراً ومؤزرا، "و ما النصر إلا من عندالله العزيز الحكيم".
* * *
النداء التاسع:
يأتي بعد ذلك النداء الثالث ـ وهو التاسع من نداءات السورة ـ وهو متصل في المعنى وا لغرض بما قبله من النهى عن اتخاذ أعداء الله أولياء، وبيان عاقبة من يرتكب هذا الوزر العظيم.
سر النهي عن موالاة الكفار وبعض أهل
الكتاب هو اتخاذهم الدين هزواً ولعبا:
يبين الله للمؤمنين في هذا النداء أنه لا ينهاهم عما نهاهم عنه من مصانعة أعدائهم تحكما أو اعتباطاً، ولكن نهاهم لان هؤلاء الاعداء ينظرون إلى دينهم الذي هو مصدر قوتهم وعزتهم، ومشكاة صلاحهم وهدايتهم، نظرة الهازىء، العابث، يستوى في تلك النظرة الكفار الذين أشركوا بالله، وطائفة من أهل الكتاب، التوت عقولهم، وفسدت قلوبهم، ومن مظاهر هذا الاستهزاء واللعب أنهم كانوا إذا رأوا المؤمنين ينادون إلى الصلاة، ويقومون إليها أخذوا يسخّرون منهم، ويقلدونهم في حركاتهم، ويخرجون هذا التقليد في صور مضحكة، تنفيراً منها، وصرفا عنها.