/ صفحه 133/
مثل من الماضي:
وقد بقي هذا المعني في أعداء الإسلام حتى قال شاعر نصرانى في عهد بنى أمية وملوك الإسلام ملوك بزعمهم كما يقول ابن رشيق في كتابه العمدة ـ:
و لست بصائم رمضان طوعا * * * ولست بآكل لحم الاضاحي
و لست بزاجر عنسا بكوراً * * * إلى بطحاء مكة للنجاح
و لست مناديا أبداً بليل * * * كمثل الحير: حيّ على الفلاح
و لكني سأشربها شمولاً * * * وأسجد قبل منبلج الصباح
فهو يسخّر من صوم رمضان، ومن لحم الاضاحي ومن الحج، ومن المؤذن الفجر، ويصوره بأنه يصيح كما يصيح العير، ومع هذا كان أحد الخلفاء يتخذه شاعراً له وويغدق عليه من أموال المسلمين، ويواده، وهو يحاد الله ورسوله.
مثل من الحاضر:
ثم امتد الضعف والتساهل بالمسلمين إلى ما بعد ذلك من عصور، فكان منهم من يخالف أعداءهم، ويحارب إخوانه في صفوفهم، ويفضى بأسرار أمته إليهم، يتخذ بذلك الايادى عندهم، ويتقى الدوائر أن تصيبه، ويؤمن حاضره ومستقبله كما يزعم، وقد وجدنا في عصرنا الحاضر من يقف مع فرنسا على أهل وطنه وملته في مراكش الجريحة، ومن يستحل سفك دماء عشيرته وقومه في سبيل إرضاء المستعمر، ولا يخاف في ذلك لومة لائم.
عزة المسلمين في العمل بالاسلام:
أما والله لو حفظ المسلمون على الإسلام عزته، وصانوا كرامته، وعملوا بما أرشدهم إليه ربهم، لما ساءت حالهم، ولما ضاعت هيبتهم، وينبغي ألا نيأس، وأن نعمل على تطهير أنفسنا، وتقوية روحنا، والتطلع إلى مثل ما وعد به سلفنا "فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه، أذلة على المؤمنين، أعزة على الكافرين، يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم".