/ صفحه 129/
و نتيجة هذا المقت للفساد والمفسدين هي ما ذكره الله عز وجل في مثل قوله "إن الله لا يصلح عمل المفسدين" "زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون "فانظركيف كان عاقبة المفسدين".
و مثل هذا في بقية المواضع التي نفى الله فيها حبه عن بعض عباده "إن الله لا يحب الكافرين" و"لا يحب الفرحين" و"لا يحب من كان خواناً أثيما" و"لا يحب من كان مختالا فخورا".
و لهذا كله كان رسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كثيراً ما يدعو بهذا الدعاء الذي يبين لنا منزلة الحب بين العبد وربه: "اللهم ارزقني حبك، وحب من أحبك، وحب ما يقربني إلى حبك".
و لعلنا نعرف بهذا قيمة الوصف الذي وصف الله به عباده المؤمنين في قوله "يحبهم ويحبونه" ودلالة هذا الوصف على المعني المقابل الذي باء به المرتدون عن دينه وشريعته، المتمردون على أمره ونهيه، الذين يطوعون لانفسهم موالاة أعداء الله، ويؤثرونها على الله ورسوله وأوليائه.
الوصفان الثالث والرابع: "أذلة على المؤمنين، أعزة على الكافرين".
الذلة على المؤمنين، والعزة على الكافرين:
المراد بالذلة التي وصفهم بها: الليونة واليسر والسماحة في المعاشرة والمعاملة، والمراد بالعزة. قوة البأس وشدة الشكيمة، وقد يتصف المرء بوصفين متباينين يتوجه كل منهما إلى جهة معينة في حياته، ويعبر عن هذا المعنى في عصرنا الحاضر بتعدد الشخصية، أي أن الرجل الواحد قد تكون له شخصيتان مختلفتان بأختلاف حالتيه، فهو أحيانا هادىء وديع لين الجانب سمح متسامح، وأحيانا ثائر غضوب شديد البأس صعب المرء، وإنما يحسن في املرء ذلك إذا كانت كل شخصية من الشخصيتين تبرز في وقتها المناسب، وتتجلى في موضعها الملائم، وشبيه مما جاء في هذه الآية قوله تعالى "أشداء على الكفار رحماء بينهم".
أصحاب الشخصيات المتعددة بتعدد الاحوال صنف ممتاز:
و أصحاب الشخصيات المختلفة التي تبرز في مواضعها الملائمة هم الصنف الممتاز