/ صفحه 127/
الاخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم، وذلك أن المؤمن الحق هو من يحب ربه، والمحب الصادق لا يحب عدو حبيبه، ومثل ذلك ما جاء في قوله تعالى نداء للمؤمنين في سورة التوبة: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخدوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الايمان، ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون. قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقتر فتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله، فتربصوا حتى يأتي الله بامره والله لا يهدى القوم الفاسقين".
و كما نهي الله المؤمنين عن محبة أعدائه وإيثار أي شي ء من الدنيا عليه جل شأنه أوجب على المؤمنين أن يحبوا رسوله، ويحبوا أولياءه، أي الموالين له، الذين ينصرونه بنصر دينه وإعلاء كلمته، وذلك لان محبوب المحبوب محبوب، ورسول المحبوب محبوب، وفي ذلك يقول الرسول الكريم صلوات الله وسلامه
"لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من أهله وماله وا لناس أجمعين".
محبة الله للعباد: ]القرآن لا يثبتها إلا لذوى القضائل العليا[: أمثلة،
و أما حب الله للعباد، فلم يثبته القرآن الكريم إلا لذوى الاعمال العظيمة التي تفوق في قيمتها ومنزلة العاملين بها ما سواها من جنسها، ولم ينفه إلا عن ذوى الصفات السيئة الموغلة في السوء التي من شأنها أن تشيع ا لضرر والفساد.
فالذين يحبهم الله هم المتصفون بأمهات الأخلاق الكريمة، ومنابع الفضائل النفسية، يقول الله تعالى: "إن الله يحب المحسنين" والاحسان أن أريد به الانعام على الفقراء فهو منزلة فوق الاعطاء، لان الا عطاء قد تشوبه شائبة من المن أو الاذى، أو اختيار الادني تخلصا منه، ولا يكون الاعطاء احسانا حتى ينزه عن ذلك كله، ويسمو صاحبه فيه إلى الدرجة التي يصفها الله ورسوله في مثل: "لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبّون" "لا بتطلوا صدقاتكم بالمن والأذى" "و رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه" من كل ما يدل