/ صفحه 124/
الزمن، فمصيره إلى الانكشاف ثم البوار، أما الاستقامة والسير على الطريق السوى فربما يكلف صاحبه صعابا ومشاق، ولكنه في النهاية إلى خير وصلاح ورضا من الله والناس.
النداء الثامن: الارتداد لا يضر إلا صاحبه:
يأتي بعد ذلك النداء الثاني من هذه النداءات الثلاثة ـ وهو الثامن كما قلنا من نداءات السورة ـ واتصاله بالنداء الذي قبله واضح، فانه تعالى نهي أولا عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء، وقرر أن من يتولاهم من المؤمنين لا يمكن أن يحتفظ مع هذا التولي بايمانه، بل يصبح بمجرده منهم، وأن المنافقين هم الدين يسارعون فيهم خشية الدوائر، فبان من ذلك أن تولي اليهود والنصارى إنما هو ارتداد عن الايمان، فجاءت الآية الثالية تتحدث عن خطورة الاترتداد على صاحبه ومقترفه، وتشير إلى أن الله مستغن عنه لا يضره ارتداده شيئاً وسوف يأتي بدل من يرتد بقوم تتحقق فيهم صفات الايمان الصحيح، والجهاد الصادق، ثم جاء بعدها آيتان أخريان تبينان أن المؤمنين ليس لهم من ولي يتولاهم ويتولونه و
رسوله وإخوانهم في الايمان والتزام أحكامه، وأن عاقبة المؤمنين إذا عرفوا ذلك واستمسكوا به هي الفلاح والغلب، لانهم حزب الله، وحزب الله هم الغالبون.
صفات المؤمنين الثابتين:
وصف الله جل شأنه هؤلاء المؤمنين الصادقين الذين أنبأنا بأنه سوف يأتي بهم مكان المرتدين عن دينه بأوصاف ستة:
أولها وثانيها: "يحبهم ويحبونه"، والمحبة هي أسمي العلاقات التي يعرفها أهل الحياة، ويجدر بنا أن نبسط الحديث عنها شيئاً من البسط لنعرف قيمة هذا الوصف الذي وصف الله به عباده المؤمنين، فنقول:
المحبة في الله أقوى الروابط:
إن العلاقات التي يعرفها الناس كثيرة: علاقة الاخ بأخيه، علاقة الزوج