/ صفحه 123/
و الفائدة التي يفيدها المؤمنون من ذكر ذلك، وبيان أنه متوقع الحصول للممنافقين، هي تقويتهم وتثبيتهم، وصرفهم عن الاتجاه إلى موالاة أعدائهم التماساً لهذه المعاني التي لا يلتمسها إلا مرضى القلوب، والتي لا تؤدى بحسب سنة الله إلا إلى عكس المقصود منها، وفي ذلك أيضاً إرهاب للمنافقين، وزلزلة عليهم، فان المنافق إذا علم أن أمره سينكشف، وأن عاقبة السُّوآى مهما احتال، أدركته الرهبة، وأخذته الحيرة، فاضطرب، وضعف تدبيره، وقل خطره.
هذا إلى ما في ذلك من تحذير المؤمنين من المنافقين، والايحاء الهيم بأن يفتشوا صفوفهم، ويطهروا جماعتهم من دنسهم، ويعلموا أن وجودهم بينهم لا يفيدهم.
إلا الضرر، ولا يزيدهم إلا الخبال "لو خرجوا فيكم مازادوكم إلا خبالا ولا وضعوا خلالكم" بل إن مصانعتهم لاعداء المؤمنين هي أيضاً مصانعة كاذبة، وانهم حين يجد الجد ينكصون عنها، ويفرون منها، فانهم لا إيمان لهم ولا أمانة ولا وفاد، فضررهم على الفريقين شديد، وفي ذلك تقول سورة الحشر"الم تر إلى الذين نافقوا يقولون لاخوانهم الذين كفروا
من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا ابداً، وان قوتلتم لننصرنكم، والله يشهد انهم لكاذبون، لئن أخرجوا لا يخرجون معهم، ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الادبار ثم لا ينصرون، لانتم أشد رهبة في صدورهم من الله، ذلك بأنهم قوم لا يفقهون".
و هذا شأن النفاق والمنافقين في كل زمان ومكان، وإننا لنجد في كثير من بلاد المسلمين فريقاً حذق التزلف إلى أعداء الأُمة، ومرن على اتخاذ الايادى عندهم على حساب الوطن والدين، وهم يفعلون ذلك خشية ا لدوائر، ويحسبونه حصافة ولباقة وبعد نظر، وإنما هو خيانة ونذالة وتجارة خاسرة، لا ينجح الله أصحابها، ولا يبارك فيها، بل يفضحها ويخسرها ويجعل عاقبتها البوار، ولو عقل الناس لفهموا مما يرون كل يوم، ومما يشاهدون من أحداث أن ليس الأمر كله أمر تدبير بشرى، وأنه لا يكفي أن يعتمد المر على أسالب المخاتلة والمخادعة لكي ينجج في حياته، ويحصل على مآرية، فان الخداع نقد زائف إن راج بعض