/ صفحه 122/
لبانتهم، وبث فتنتهم، وتنفيذ خطتهم، دون أن تبدر منه أية بادرة تدل على ذلك فتفضحه وتكشف أمره، وقوله تعالى: "يقولون تخشي أن تصيبنا دائرة" ليس معناه أنهم يقولون ذلك للمؤمنين بألسنتهم معتذرين عن تقربهم إلى أعدائهم، وإلا لكانوا يقولون ما يفضحهم ويفسد تدبيرهم، ولكن معناه أنهم يعتذرون بذلك إلى أنفسهم، ويبررون به صنيعهم و
خيانتهم، فهو قول نفسي لا لفظي.
تخطيح قواهم المعنوية وتحصين المؤمنين من فتنتهم:
و قد رد الله تعالى عليهم هذا المعني الذي يدور بنفوسهم، ويحملهم على النفاق ومصانعة أهل الباطل، فبين أن الأُمور بيده، وأن الفتح والفصل بين المؤمنين والكافرين مرجو قريب، فان لم يكن فتح قريب، فأمر من عنده يترتب عليه أن يصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين، وذ لك الأمر المذكور في الآية يحتمل أن يكون فضح المنافقين، وتبيين ما في قلوبهم، وقد ورد ذلك صراحة في قوله تعالى: "يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة فنبنهم بما في قلوبهم" التوبة:
"و يحلفون بالله انهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون، لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون" ويومئذ لا يبقي عند أحد شك في أنهم الأخسرون خاسرين الذين أرادوا بنفاقهم كسب الفريقين، فكان عاقبة أمرهم أن خسروهما جميعاً "حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين".