/ صفحه 121/
ولاءهم، أو تكفكف من غلوائهم، فقد قست منهم القلوب، وفسدت النفوس والتوت العقول، وما أدق ما وصفهم به القرآن الكريم، وما صوّر به حفيظتهم على المؤمنين حيث يقول "لا يألونكم خبالا، ودوا ما عنتم، قد بدت البغضاء من
أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر"، "وتحبونهم ولا يحبونكم، وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الانامل من الغيظ".
مرضي القلوب ومسارعتهم في أهل الباطل:
و قد عقب النداء الأول الذي نهي فيه المؤمنون عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياءة، بتوجيه الانظار إلى فريق ا لمنافقين الذين في قلوبهم مرض، وما مرنوا عليه من المسارعة في أهل الباطل، مع الايخاز في الظاهر الاهل الحق، اتقاء للدوائر، واحتياطا للنوازل "فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون تخشى أن تصيبنا دائرة".
و التعبير عن المنافقين بهذه العبارة: "في قلوبهم مرض" تعبير قوى رائع جاء في غير هذا الموضع من القرآن كما جاء هنا: "في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا". "ليجعل ما يلقى الشيطان فتنة الذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم" "فاذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشى عليه من الموت" فإنه لما كانت قوة القلب تضرب مثلا للثبات والتماسك والقوة النفسية، كان ضعف القلب الذي عبرعنه بالمرض مثلا للخور والتردد والتزلزل وانهيار النفس، وهذه شنشنة المنافق، لا يمكن أن يكون صريحا واضحا منحازا إلى ناحية معينة، فهو يتردد بين الناحيتين، ويلتمس الخطوة في الجانبين، ولا يهمه إلا أن يطمئن على نفسه في يومه وغده، لذلك يأتى هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه، ويتخذ عند كل منهما يداً، والآية تقول: "يسارعون فيهم" ولا تقول: "يسارعون إليهم" لان المنافق في العادة يحرص على أن ينحاز في الظاهر إلى أهل الحق، ولال يظهر لهم أنه مع الاخرين، والاخرون يكتفون منه بما يبطنه من ولائهم والميل إليهم، فهو لا يسارع إليهم فيفسد خطته، ولكن يسارع فيهم، أي في قضاء