/ صفحة 93/
قال: لو قلت: أو كان في الامكان ألا يكون لأبي بكر وعمر مذهبان في مسألة؟
انه لفطري أن تختلتف آراء الناس ويذهبوا مذاهب شتى، ولو أبناء شريعة واحدة.
دع الشرائع السماوية وانظر في النظم الوضعية، أترى أصحاب الفقه الفرنسي، مثلا قولا واحدا؟
قلت: بل أقوالا ومذاهب كثيرة. ففي الفقه الدستوري أرى ((اسمان)) و((ديجى)) وغيرهما، ولكل مذهب، وفي فقه القانون المدني أرى ((بلانيول)) و((كاپيتان)) و((حوسيران)) وغيرهم، ولكل مذهب، وهكذا في سائر فروع القوانين العامة والخاصة. وان الأمر لفطري وجد مفهوم في الشرائع الوضعية. أفكذلك هو في الشريعة الإسلامية؟
قال: لعله كان حقيقا بى أن أسألك: ان الأمر فطرى وجد مفهوم في الشريعة الإسلامية، أفكذلك هو في الشرائع الوضعية؟ ذلك بأن الإسلام دين الفطرة، ((فطرة الله التي فطر الناس عليها)) . وتالله لقد فطرهم مختلفين صورا وفكرا، فلا جرم يختلف الرأي بينهم وتتعدد مذاهبهم. ولكن الشارع الوضعي يستطيع أن يصد عن سبيل الفطرة فيعرج أو يلتوى حيث شاء أو شاءت له الصناعة.
قلت: في وسع الشارع الوضعى أن يسلك غير منهاج الفطرة... ولست أشك في أن الغرور قد خامره أحيانا فوضع نصوصا حسبها بينة بيانا يعصمها من خلاف المفسرين، وتأويل المتأولين، الا أنهم مع هذا، اختلفوا فيما بينهم، وذهبوا كل مذهب
قال: وإذ تركت الفقهاء وأصحاب المقالات النظرية لم تعدم الخلاف والمذاهب في دور القضاء، بل في المجالس النيابية.
أفليس لانجلترا دستور واحد، في حين ترى الذين يقدسونه ويدينون به منقسمين إلى ((عمال)) و((أحرار)) و((محافظين)) إلى آخر ما هنا لك فإذا تجاوزت