/ صفحة 92/
قلت: هذا كله قبر مالك مجازا لاحقيقة.
قال: لو سمعك متمم لاعياء فهم ما تعنى بالمجاز والحقيقة.
قلت: فما خطبه حتى لايعرف الحقيقة والمجاز؟
قال: خطبه أن أصحاب ((البيان)) الاصطلاحى لم يكونوا قد خلقوا حين قتل أخوه أيام الردة. فصلى ذات يوم الصبح مع أبي بكر رضي الله عنه ثم أنشد:
نعم القتيل إذا الرياح تناوحت *** تحت العضاة قتيلك ابن الازور
أدعوته بالله ثم قتلته *** لو هو دعاك بذمة لم يغدر
فقال(رضي الله عنه): والله ما دعوته ولا قتلته. فقال متمم:
لا يضمر الفحشاء تحت ردائه *** حلو شمئله عفيف المئزر
ولنعم حشو الدرع أنت وحاسرا *** ولنعم مأوى الطارق المتنور ألا تراه برا طاهرا هذا ((العفيف المئزر)) الذي لا يطوى الفحشاء تحت ردائه؟
انه لشجاع سواء أكان دارعا أم حاسرا. ثم هو قبل هذا جواد إذا تناوحت الرياح وهي إنّما تتناوح أو تتقابل، حين الجدب والبأساء، فكيف تراه اذن حين الخصب والرخاء.
قلت: أفكان بالله ابن نويرة مرتدا حين قتله خالد بن الوليد مع غيره من أسرى قومه؟
قال: مسألة فيها قولان. بل ان أصحاب الخبر والسير جمعوا إليهم أصحاب اللغة في أمر مالك.
فلقد زعموا أن خالدا لم يزد على أن قال: أذفئو أسراكم. وكانت ليلة قر، وما كان ادفاء الاسير في لغة القوم الا قتله، وكان مالك بين الاسرى فلذلك قتل.
ولعلك قرأت أو سمعت أن عمر كان على غير مذهب أبي بكر رضي الله عنهما في قضية مالك.
قلت: أو كان في الإمكان أن يكون لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، مذهبان في مسألة كائنة ما كانت؟