/ صفحة 82/
في المعاملات الربوية، لأنه لا يمكن - كما يزعمون! - الاستغناء عنها في هذا العصر وهذا معناه نسخ الايات القرآنية التي تثبت حرمتها بصفة قاطعة الثبوت والدلالة ودون ذلك خرط القتاد لتأديته إلى أن الله كان لا يعلم حين حرم الربا هكذا ما فيه الخير والمصلحة للناس، ومن البدهي أنه لا يرضى بذلك من يؤمن بالله ورسله وكتبه، ومن يلاحظ بعين فاحصة ماجره الربا من خراب البيوت وضياع ثروة الأُمة.
انهم قد يتعللون بإسقاط سيدنا عمر بن الخطاب أسهم المؤلفة قلوبهم من الصدقات، إذ قال لهم: ((هذا شيء كان رسول الله يعطيكموه ليتألفكم على الإسلام والآن فقد أعز الله الإسلام وأغنى عنكم; فإن ثبتم على الإسلام، والا فبيننا وبينكم السيف)) (1). كما قد يتعللون بإسقاط عمر أيضا حد السرقة عام المجاعة، كما هو معروف، ولكن العلماء الراسخين في علم الفقه وأصوله، لا يرون في شيء من ذلك نسخا لشيء من الأحكام التي جاء بها الكتاب.
وكيف يظن بعمر هذا! وهو الذي كان إذا نزلت نازلة تتطلب حكما شرعيا يبحث أولا عن هذا الحم في كتاب الله ثم في سنة رسوله، فإن لم يجد اجتهد واجتهد علماء الصحابة معه، بل انه كان يقدم أحيانا - بعد الكتاب والسنة - ما قد يكونون لأبي بكر الصديق من حكم في هذه النازلة، وكيف يظن بالفاروق هذا وهو الذي يقول في كتابه المشهور في القضاء: ان القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة، ثم يجىء بعد ذلك الاجتهاد!
3- أما مسألة المؤلفة قلوبهم، فلنا أن نفهم أن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان يعطبهم في حياته من الصدقات بقصد إعزاز الإسلام لضعفه حينذاك، فجاء عمر ورأى في الدفع إليهم اشعارا بأن الإسلام في حاجة إليهم، وفي هذا ما قد يضعف من حمية المسلمين واعتزازهم بأنفسهم دون من في قلوبهم دخل، فكان إعزاز الإسلام حينئذ في عدم اعطائهم شيئا من الصدقات. إذا، لم يكن الأمر نسخا من عمر لنص قرآني، وإنّما هو تقرير لما كان يقصده الرسول، وان كان
ــــــــــ
(1) راجع ج 2: 15، من فتح القدير وشرح العناية على هامشه.