/ صفحة 81/
من العدد العاشر من المجلد التاسع، ويصدر المؤلف لهذه الرسالة، عن تقديم المصلحة على النص، الذي هو ((منحصر في الكتاب والسنة)) (1)، ان تعارضت معه.
ولا ندرى كيف يكون التعارض بين نص من القرآن تنزيل العليم الحكيم، وبين المصلحة، ثم لم يستطع الطوفي أن يأتي لنا بمثل واحد على هذا التعارض يمكن الأخذ به! وقد صرح بتقديم المصلحة على النص في كثير من المواضع في رسالته، ومن ذلك قوله(2):
((أما المعملات ونحوها، فالمتبع فيها مصلحة الناس كما تقرر، فالمصلة وباقي أدلة الشرع، اما أن يتفقا أو يختلفا; فإن اتفقا فيها ونعمت... وان اختلفا، فإن أمكن الجمع بينهما بوجه ما جمع، مثل أن يحمل بعض الأدلة على بعض الأحكام والأحوال دون بعض على وجه لا يخلّ بالمصلحة ولا يفضى إلى التلاعب بالأدلة أو بعضها، وان تعذر الجمع بينهما قدمت المصلحة على غيرها ((أي على الكتاب أو السنة أو الإجماع)) لقوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ((لا ضرر ولا ضرار وهو خاص بنفي الضرر المستلزم لرعاية المصلحة فيجب تقديمه ولأن المصلحة هي المقصودة من سياسة المكلفين بإثبات الأحكام، وباقي الأدلة كالوسائل، والمقاصد واجبة التقديم على الوسائل)) .
ونحن إزاء هذا الرأي الخاطئ عن علم أو اجتهاد، لا يمكن أن نعارض في أن المقصود من الأحكام التشريعية هو مصلحة العباد عامة، وأن هذه المصلحة قد تختلف في بلد عن بلد وفي زمن عن زمن، ولكن هذا الاجتهاد يكون فيما لا يعرف بيقين أنه مصلحة عامة; أما ما يعرف، بنص محكم من القرآن أو سنة ثابتة أنه مصلحة، فلا معنى للاجتهاد فيه، ولا يجوز نسخ الحكم الثابت بالنص والذي يحقق هذه المصلحة اليقينية جريا وراء مصلحة مظنونة يزعمها طائفة من الناس، ومن أصدق من الله قيلا!
ولنضرب لذلك مثلا واحدا، وهو الربا في قليله وكثيرة، وعلى أي شكل من أشكاله، أنهم يلهجون الآن ومنذ زمن بعيد، بان المصلحة تقضى بالترخص

ــــــــــ
(1) ص 765 من المجلد المذكور.
(2) ص 768-767.