/ صفحة 62/
واليك ما قاله ابن سعيد في وصفه للمسجد الجامع عند زيارته له ((و استحسنت ما أبصرته فيه من خلق المصريين لاقراء القرآن والفقه والنحو في عدة أماكن)) أضف إلى ذلك ما ذكره المقريزى نقلا عن ابن الصائغ الحنفى من أنه أدرك بجامع عمرو، قبل الوباء الكائن في سنة 249 هـ، بضعا وأربعين حلقة لاقراء العلم لا تكاد تبرح منه.
وقد عنى بنو الاخشيد بهذا المعهد كما عنى به غيرهم من الامراء من قبل ومن بعد، وزيدت عمارته في عهدهم، وزينت عمده، وكانت حلقاته العلمية في زمنهم أشهر مجالس العلم والتعليم.
فقد ذكر ابن سعيد: ((وفى سنة 326 هـ )) عاد أصحاب مالك والشافعى إلى القتال في المسجد الجامع العتيق، وكان في الجامع للمالكيين خمس عشرة حلقة، وللشافعين مثلها، ولاصحاب أبي حنيفة ثلاث حلق، فلما زاد قتالهم أرسل الاخشيد ونزع حصرهم وأغلق الجامع، وكان يفتح في أوقات الصلوات، ثم سئل الاخشيد فيهم فردهم.
ومهما يكن من أمر فقد بالغ الاخشيديون في اعطاء الاموال والهبات للعلماء المصريين والوافدين على مصر، مما أفاد التعليم فائدة عظيمة، وكانت حلقات الفسطاط حيث يلقى الفقهاء والادباء دروسهم على طلبتهم في أوج ازدههارها، ونبغ من المصريين كثير من زعماء الفكر والادب، منهم: أبو عمر الكندى، وأبو جعفر النحاس المصرى، وأبوبكر الحداد، وكثيرون غيرهم. وكان جامع عمرو هو معهد مصر الاكبر في ذلك العهد.
أماالمتنبى فكان يعقد حلقاته الادبية في مسجد ابن عمروس حيث يجتمع إليه الادباء والشعراء.
ومن أهم الاثار العربية في مصر جامع ابن طولون، فانه عند ماتم بناؤه أملى فيه الحديث الربيع بن سليمان تلميذ الإمام الشافعى، فكان معهدا من معاهد التعليم في مصر من بدء انشائه، وقد ظل كذلك في العصور التالية، فقد ذكر ابن جبير