/ صفحة 61/
والعروض والشعر والنحو، ولا يزالون إلى قرب انتصاف النهار، وبعد ذلك يأخذ الشافعى عصاه وينصرف إلى داره، فكان يعمل في المسجد ثمانى ساعات من الرابعة صباحا إلى الثانية عشرة.و كان طلاب العلم يحضرون على الشافعى رجالا ونساء كنظام الجامعات الآن، ولم يكن هناك حرج من هذا النظام وقتئذ، لأن مذهب الشافعى وإن كان يقضى بأن لمس النساء ينقض الوضوء، الا أن الرجال والنساء أطالت أكمام الثيات تفاديا من ذلك اللمس عملا بوصيته، وكانت النفوس في حرز من تقواها، وصون من النزق لخشية ربها.
ونبغ على الشافعى كثير من المصريين والمصريات، فمن الرجال: الربيع الجيزى وحرملة والمزنى والبويطى ومحمد بن عبدالله بن الحكم وغيرهم.
ومن النساء كثيرات كذلك كالسيدة أخت المزنى التي أخذ عنها العلماء ودرج اسمها في جدول كبار فقهاء الشافعية.
وظل التعليم في مصر تعليما دينيا خالصا منضما إليه دراسة العلوم اللغوية التي لا بد منها لفهم القرآن والحديث، ورفد إلى مصر علماء كثيرون من العراق وغيرها من البلاد الإسلامية، جاءوا يعلمون المصريين أحيانا أو يطلبون العلم في مصر أحيانا أخرى، فقد جاء نافع فقيه أهل المدينة إلى مصر كى يعلم المصريين، وأقام بينهم مدة طويلة، كما جاء محمد بن جرير الطبرى المحدث الفقيه المفسر المؤرخ وكان ذلك سنة 253.
يقول ياقوت: ثم سار الطبرى إلى الفسطاط، وكان بها بقية من الشيوخ وأهل العلم، فأكثر عنهم كتابة علوم مالك والشافعى وابن وهب وغيرهم، ثم عاد إلى الشام، ثم رجع إلى مصر فلقيه أبو الحسن علي بن سراج المصرى فوجده فاضلا في كل ما يذاكره به من العلم، ويجيب في كل ما يسأله عنه، حتى سأله عن الشعر فرآه فاضلا بارعا فيه، فسأله عن شعر الطرماح، وكان من يقوم به مفقودا في البلد فإذا هو يحفظه، فسئل أن يمليه حفظا بغريبه، فكان يمليه عند بيت المال في الجامع.