/ صفحة 60/
ابن العاص، ويعد بحق مؤسس المدرسة المصرية في الحديث، فقد أخذ عنه كثير.
وأول من أقرأ القرآن بمصر هو أبو أمية عبيد بن مخمر المغافرى، وكان من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله.
تلقى المصريون العلم في أول الأمر على أيدى المعلمين من الصحابة والتابعين، ثم لم يلبثوا أن أصبحوا معلمين يلقون العلم في مجالسه، ولهم تلاميذ مصريون يأخذونه عنهم، ويرحلون إلى البلاد في طلبه والتزود منه، ثم يعودون إلى مصر يدرسون ويتدارسون، ويستنبطون منه الاحكام. فترى مثلا عثمان بن سعيد القفطى المصرى المعروف بورش، وكان من أصل قبطى، وقد ولد بمصر، ثم تعلم اللغة العربية وقراءة القرآن، ورحل إلى المدينة فقرأ بها على نافع، ثم عاد إلى مصر، واليه انتهت رياسة الاقراء فيها.
كما تخرج في جامع عمرو مركز الدراسة الإسلامية الممتازة في مصر أقطاب الفقهاء والمحدثين، أمثال الليث بن سعد، وعبدالله بن وهب.
وقد نشط التعليم في مصر على أثر تعدد المذاهب الفقهية، فقد انحاز كل فريق من العلماء المصريين إلى مذهب يأخذ به، ويدفع عنه، ويعمل على تعليمه ونشره، فكان بين المالكيين والاحناف خصام ونزاع في التشريع ومسائل الفقه، حتى جاء الشافعى، وأقام في مصر نحو خمس سنوات يحرر مذهبه، ويمليه على تلاميذه المصريين، وكون له حلقة علمية نشيطة، ومال إليه كثير من المصريين. وذلك لأن المصريين كان من عادتهم بعد قضاء حجهم في مكة أن يحضروا إلى المدينة المنورة للصلاة في مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، واستماع الموطأ من الإمام مالك، وكان الشافعى يمليه عليهم، ومن ذلك الحين عرف المصريون الشافعى، ومالت قلوبهم إليه، واهتموا بالوقوف على أخباره.
فلما جاء الشافعى إلى مصر ابتداأ في القاء دروسه بجامع عمرو فكان إذا صلى الصبح جاء أهل القرآن وحضروا عليه فإذا طلعت الشمس قاموا وجاء أهل الحديث فإذا ارتفعت الشمس قاموا وحضر قوم للمناظرة، ثم يجىء أهل العربية