/ صفحة 427/
يذكر أبو عبدالرحمن أنه عند ما تهيأ الشيخ أبو القسم النصر آبادى للحج، استأذن أمه في الخروج معه، فقالت له: ((توجهت إلى بيت الله! فلا يكتبن عليك حافظاك شيئاً تستحى منه غداً(1)) ).
ولا تحدثنا المصادر بشيء عن طفولة أبي عبدالرحمن، ولكن يبدو أنه كان بكر والديه، وأن والده رزقه على كبرة، فقد فرح بولادته أيما فرح، وجمع ما عنده من المال فتصدق به(2)، ولا ندرى أرزق والداه غيره، أم ظل أبو عبدالرحمن وحيدهما.
وعلى أي حال فقد نشأ أبو عبدالرحمن في رعاية والده الشيخ الصوفي ووالدته التقية الورعة، وجده لامه أبي عمرو بن نجيد، وبدأ يتعلم كما يتعلم أقرانه في نيسابور، يفدون إلى من يحفظهم القرآن، ويرّويهم الاشعار، ويبصرهم بالعربية.
وقد بدأ أبو عبدالرحمن الكتابة عن شيوخ وقته مبكراً، فهم يحدثوننا أن أباعبدالرحمن ((كتب بخطه عن أبي بكر الصبغى سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة(3) وقد كان أبوبكر يومئذ عالم نيسابور ومحدثها، ولم يكن أبوعبدالرحمن قد جاوز الثامنة بعد.
صرف أبو عبدالرحمن همه إلى دراسة الحديث والتوصف، ولقى شيوخ عصره فيهما، فرحل في الطلب إلى: العراق، والرى، وهمدان، ومرو، والحجاز، وغيرها، لكتب الحديث ولقاء الشيوخ، كماجرت بذلك عادة عصره، فوق تتلمذه لشيوخ نيسابور(4)، ونيسابور يومئذ من أمهات المدن الإسلامية التي بلغت قمة الاكتمال في العمران والفكر.
وهناك شيوخ لهم أثر واضح في أبي عبدالرحمن، أما أحدهم فالمحدث الحجة
ــــــــــ
(1) سير أعلام النبلاء: ج 11 ق 1 ورقة 55.
(2) نفحات الانس: ورقة 77.
(3) سير أعلام النبلاء: ج 11 ق 1 ورقة 55.
(4) سير اعلام النبلاء: ج 11 ق 1 ورقة 55، 56 ; وكذلك تاريخ بغداد: ج 2 ص 248.