/ صفحة 421/
فأجمعوا على تخليته فخلوه، فقال له الناس وحملوه على قومه: أسلمك قومك ولم يمنعوك، ولو شاءوا منعوك.
فقال:
لعمرك ما جاءت بنكر عشيرتى *** وان صالحت اخوآنهالا ألومها
يودّ جناة الغىّ أن سيوفنا *** بأيماننا مسلولة لا نشيمها
ومذهب عبدالله بن الزبعرى في نظره إلى اشتغال قومه بالتجارة هذه النظرة، وفى تمجيد تلك البطولة الزائفة التي يكتسبها العرب في اغارة بعضهم على بعض من أجل السلب والنهب، كان مذهب غيره من شعراء العرب، ولقد غلوا في ذلك إلى أن مجدوا أعمال صعاليكهم، ولم يكونوا الا لصوصاً لا عمل لهم الا قطع الطريق، ونشر الخوف والذعر بين الناس، ونهب أموالهم بالظلم والعدوان، ومما جاء من الشعر في تمجيد بطولتهم قول حاتم الطائى:
ولله صعلوك يساور همه *** ويمضى على الاحداث والدهر مقدماً
فتى طلبات لا يرى الخمص ترحة *** ولا شبعة ان نالها عد مغنما
إذا ما رأى يوماً مكارم أعرضت *** تيمم كبراهن ثمّت صمّما
يرى رمحه ونيله ومجنه *** وذا شطب عضب الضريبة مخذما
وأحناء سرج فاتر ولجامه *** عتاد أخى هيجا وطرفاً مسوما
فذلك ان يهلك فحسنى ثناؤه *** وانعاش لم يقعد ضعيفاً مذمما
وكان من أمثل أولئك الصعاليك عروة بن الورد العبسى، وكان يقال له:
عروة الصعاليك، لجمعه اياهم، وقيامه بأمرهم إذا أخفقوا في غزواتهم، ولم يكن لهم معاش ولا مغزى، وكان عروة شاعراً من شعراء الجاهلية، وفارساً من فرسانها وصعلوكاً من صعاليكها المعدودين المقدمين الاجواد، وهو القائل:
لحى الله صعلوكاً إذا جن ليله *** مضى في المشاش آلفاً كل مجزر
يعد الغنى من دهره كل ليلة *** أصاب قراها من صديق ميسر(1)
ــــــــــ
(1) في رواية يعد الغنى من نفسه.