/ صفحة 408/
هل في هذا الوجود ما يستحق أن تموت من أجله؟ تلك هي المسألة أو المشكلة أو العقدة.
قال: لا مشكلة ولا عقدة، ولكنكم تشكلون وتعقدون، لانكم لم تهتدوا إلى الصراط المستقيم، وما هو علم الله الا نهج الطبع السوى.
ان المسألة تبدو عقدة إذا فلسفتها وأخذتها بالمعيار الفاسد، ولو أنك وضعتها وضعاً فطرياً لاستقامت، فكانت الاجابة أو الاستجابة الحقة.
سل الرجل الفطرى، لماذا تموت اختياراً ولك عن الموت مندوحة؟ ان الحياة ليست مكروهة بالطبع، ولكنه لايبكى عليها إذا آن له أن يخلص منهاأو تخلص منه.
ولست - وان كانت إلى حبيبة- بباك على الدنيا إذا ما تولت.
قلت:ها نحن أولاء نترك الرجل الفطرى دون أن نسمع الاجابة، فلماذا لايبكى عليها إذا كانت إليه حبيبة؟ بل لماذا لم يستمسك بها ما دام مستطيعاً؟
هذه الحبيبة، تولى - وفي وسعه أن يدعوها فتقبل بعد أن ولّت مدبرة
قال: على رسلك فالمسألة لا تستدعى كل هذه الاسئلة، ان الحياة حبيبة إلى الرجل الفطرى، عزيزة كريمة أثيرة عنده، وهو أقدر من الاخرين غير الفطريين على الاستمتاع بها، فاحساسه اياها أجل وأدق، وأكثف وأرق.... بيد أن تركها لسبب واحد لا يتعدد من حيث الجوهر على اختلاف الشكل والمظهر، هذا السبب الاكبر هو حماية الحقيقة - لا أقل ولا أكثر.
أنت انسان، هذه حقيقتك، فأنت مكلف حمايتها، وليس ثم عذر يحول بينك وبين هذه الحماية...
انسانيتك أو حقيقتك لا يجوز أن يفارقها أو يقاربها ما ينافيها، فأنت نازل عنها بقدر ما تسمح أن يلابسها أو يدانيها ما لا يلائمها، أترانى أعرقت أو فلسفت؟ لا - ان البدوى الامى يعرف حماية الحقيقة:
ألم تريا أنى حميت حقيقتى *** وباشرت حد الموت والموت دونها
قلت: أليس حقيقة الإنسان هي ما نسميه الكرامة؟ فإن زيداً أو عمراً