/ صفحة 400/
وفي هذه المناسبة أرى أنه إذا أريد ترجمة معانى القرآن، أن تشمل هيئة الترجمة أفراداً من المشتغلين بنواحى الفكر الإنساني، كعلماء القانون والاجتماع والطب والمال والاقتصاد والفلسفة والتاريخ والفلك، وغير ذلك ممن أعدّوا في حياتهم العلمية والعملية لدراسات خاصة، عسى أن تهتدى جماعتهم إلى أقرب المعانى من الحقيقة.
الشريعة الإسلامية وقانون تحقيق الجنايات:
(الف) الا كراه أو التهديد أو التأثير مبطل للاعتراف: سبق أن أسلفنا أن الاقرار أقوى الأدلة القانونية، وأن التشدد في طرائق اثبات الحدود، والجرائم جعل معظمها لا يثبت الا بالاقرار، ولهذا سبقت الشريعة الإسلامية القوانين الوضعية في احاطته بالضمانات، بحيث يصدر حراً عن طواعية المقر ومحض رغبته، وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا حد على معترف بعد بلاء) وقال على (من قيد أو حبس أو تهدد فلا اقرار له).
وروي عن عمر إنه أتى بامرأة حامل، فاعترفت بالفجور، فأمر برجمها، فتلقاها على، فسأل عن خبرها فذكروه له، فردها إلى عمر وقال له: هذا حقك عليها، فما سلطانك على ما في بطنها، ولعلك انتهرتها أو أخفتها، قال: قد كان ذلك مني قال، أو ما سمعت ان رسول الله قال: لاحد على معترف بعد بلاء، انه من قيد أو حبس أو تهدد فلا اقرار له (كتاب كفاية الطالب لمناقب على ابن أبي طالب).
وذكر بن السمان في كتاب الموافقة، أن عمر أتى بامرأة اجهدها العطش، فمرت على راعى غنم ى فلاة فاستسقته، فأبى ان يسقيها حتى تمكنه من نفسها، ففعلت خشية الهلاك، واقرت بذلك كله، فشاور عمر الناس في رجمها، فقال له على: انها مضطرة، فخل سبيلها، ففعل.
وكتب عمر بن عبدالعزيز إلى عماله ينهاهم عن اكراه الناس على الاعتراف وختم كتابه بقوله: ((لعمرى لأن يلقوا الله بجناياتهم أحب إلى من أن ألقى الله بدمائهم)) .
(ب) فن التحقيق واكتشاف الجرائم ومرتكبيها:
الجريمة ومجرد التفكير فيها، والاتفاق عليها، والشروع في ارتكابها،