/ صفحة 395/
وكذا الاخت، وقال الله تعالى: ((و استشهدوا شهيدين من رجالكم، فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان، نصت الآية على أن الدين يثبت بشاهدين، وشهادة رجل وامراتين، مع أن من مذاهب السنة من أثبت الدين بشاهد ويمين، بل أثبته مالك بشهادة أمرأتين ويمين (1) فكما أن هذه الآية لا تدل على أن الدين لايثبت بشاهد ويمين، ولا بشهادة امرأتين ويمين، كذلك آية الميراث لا تدل على أن البنت لا يرد عليها أبداً ما زاد عن النصف.
فالشيعة يوجبون رد ما زاد عن فرض البنت والاخت، ويخصون كل واحدة بتمام الميراث دون غيرها، لأن البنت أقرب إلى الميت من أخيه، والاخت أقرب إليه من عمه، والاقربون أولى، والشيعة لا يثقون بحديث: ((ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقى فلاولى عصبة ذكر)) ولو وثقوا به لقالوا بمقالة أهل السنة، كما أن أهل السنة لو لا ثقتهم بهذا الحديث لقالوا بمقالة الشيعة.
وقد أطال الإمامية الكلام في هذا الباب، ووضعوا له رسائل خاصة ألزموا فيها أهل التعصيب القائلين بحرمان البنت مما زاد عن فرضها، ألزموهم بالزامات كثيرة لا يتسع لها المجال، ونكتفى منها بمايلى:
قالوا: يلزم من القول بالتعصيب أن يكون الابن للصلب أضعف سبباً من العم، وذلك لو افترضنا أن الميت ترك ابناً، وثمانى وعشرين بنتاً كان للابن سهمان من ثلاثين بلا خلاف، ولو كان مكان الابن عم لكان له عشرة أسهم من ثلاثين، وعليه يكون الابن أسواً حالا من العم، وكذا لو ترك الميت عشر بنات وأخا كان لبناته العشر ثلثان، ولاخيه الثلث، أي ان أخاالميت يأخذ خمسة أسهم، وبنت تأخذ سهماً واحداً.
وليس الغرض مما قدمت أن أثبت أن الشيعة الإمامية مصيبون، وغيرهم مخطىء، وإنّما الغرض أن أسهل للقراء الاطلاع على ما عند الإمامية مما اتفقوا عليه، واختلفوا فيه، ليعلموا أن مرجع ذلك إلى الفهم في كتاب الله وسنة رسوله الصحيحة ليس الا. وبالله التوفيق.
ــــــــــ
(1) المغنى ج 9 ص 151، وميزان الشعرانى ج 2 ص 258.