/ صفحة 373/
أين الديموقراطية الصحيحة:
ثبت فيما أسلفنا أن كان للديموقراطية اليونانية عيوبها، فقد كانت لاتعترف للمرأة بحقوق، وكانت تبيح الاسترقاق والغزو والفتح، وكان الناس فيها طبقات في كثير من الازمنة، وقد مر النظام الرومانى بهذه الاوضاع، ثم بعثت الديموقراطية من جديد وتطورت إلى أن وصلت إلى حالتها الحاضرة.
وقد قام المكفرون بتبيان عيوب الديموقراطيتين: اليونانية والرومانية، وأخذوهما بالنقد لما استبان فيهما من مآخذ.
نعم قامت الديموقراطية الحديثة باعلان حقوق الإنسان، ومنها حقوق المرأة والغاء الاسترقاق، لكنى أرجو القارىء أن يبحث فيما إذا كانت تلك العيوب القديمة قد تلاشت كلها أو أن بعضها ما زال قائماً.
ينتقد الناقدون أعمال الديموقراطيات القديمة، ويقولون أن من عيوبها أباحة الاسترقاق، والحض على الغزو والفتح، ويقولون أن الناس سواسية، وأقول معهم أن لكل امرىء حقاً في الحرية والاستقلال، وإذا كان رجال الديموقراطيه قد أعطوا لمواطنيهم حق الحرية والكرامة، أفلم يكن من الواجب أن تبسط هذه الحرية ظلالها على الناس أجمعين، أو أن الحرية قاصرة على أمة دون النظر إلى حقوق الامم الاخرى.
لقد أجمع الكتاب والحكماء والفلاسفة على احترام الحقوق واحترام الواجبات معا، وأن ما تتطلبه لنفسك من حق، يجب أن ترجوه وتعرفه لغيرك، فانظر إلى الديموقراطيات الحاضرة، هل أباحت لغيرها ما تبيحه لنفسها، أو أنها رغم المناداة بحرية الناس أباحت الاسترقاق والغزو والفتح على طرق أخرى منظمة، أو وسائل ملتوية لتنفيذ ما كانت تراه الامم الغابرة من ظلم واستبداد.
انظر ما تفعله الديموقراطيات الحديثة من استبداد وفتح وغزو، تر ظلماً صارخاً ترزح تحت أثقاله أمم بريئة في مراكش والجزائر وتونس وباقي البلاد الافريقية