/ صفحة 372/
الذاتية والتضحية بمصالح الوطن والرغبة في انتصار حزب على حزب أو فئة على فئة، كل أولئك من شأنه أن ينصرف المواطنين عن خدمة بلادهم، ويغرى الحاكمين بالاستئثار بالسلطة استئثاراً قد يؤدى إلى الطغيان في أبشع صوره.
وعلى هذا فالحكم الفاسد في أي بلد كان إنّما هو نتيجة لفساد عقول الشعب وضمائره، ومتى استقامت العقول وانتشر العلم الصحيح والخلق القويم قوى الوعى، واستيقظ الضمير، وعرف كل واجباته وحقوقه، واستقامت بذلك الأُمور على ما يرضى كل شعب كريم.
* * *
نظرة في الديمقراطية الحديثة:
الآن وقد بسطنا كيف قامت الديمقراطيات، وكيف تطورت يمكننا أن نقول أن نظرة عابرة على الديمقراطيات القائمة الآن ترينا أنها مختلفة بعض الاختلاف في مظاهرها، ففى الغرب ديمقراطية امريكية لها طابعها الخاص، وديمقراطية بريطانية تختلف عن الاولى بعض الاختلاف، وديمقراطية فرنسية، وأخرى شرقية روسية تختلف عنهما جميعا، نجد ديمقراطية جمهورية، وثانية ملكية، وثالثة يصفها الروس بأنها شعبية، وهناك ديمقراطيات في باقي البلاد الدستورية النيابية، فأى هذه الديمقراطيات أصح وأقرب إلى نظام الحكم القويم.
لا تجهد فكرك، وارجع إلى أساس الحكم الديمقراطى، وما يرتضيه، تجد أن الحكم الديمقراطى بمعناه الصحيح هو ذاك النظام القائم على وعى من الشعب سليم ينتخب نوابه انتخاباً حراً طليقاً من كل ضغط أو اغراء، ويقوم النواب بأداء مأموريتهم، ورقابتهم على الحاكمين بنزاهة وشرف.
ويستند الوزراء بدورهم على قوة هؤلاء النواب وشجاعتهم واخلاصهم، فمتى تمت هذه المراحل، وكانت ادارة الحكم مستندة إلى رأى عام يقظ واع، والى برلمان كذلك، فاعلم أن الديمقراطية موجودة، سواء كان يرأس الأُمة ملك أو رئيس جمهورية، وبغير ذلك تصبح الديموقراطية اسما على غير مسمى.