/ صفحة 371/
في جوهرها وكيانها إلى يقظة الشعب، وقوة وعيه، وتمسكه بحريته وحقوقه كاملة.
ان النظم والقوانين لا تفيد شيئاً إذا لم تكن الأُمة حريصة على كرامتها وحياتها الديمقراطية، ولطالما رأينا دساتير كاملة الوضع لاتؤدى وظيفتها في تحقيق سلطة الأُمة إذا كانت الأُمة غافلة عن تحقيق وسائل حريتها، والسهر على الاحتفاظ بسلطانها كاملا.
فالامة يجب أن تكون مصدر جميع السلطات، والحاكم لا يصح أن يكون حاكماً بأمره يعز من يشاء ويذل من يشاء بغير حساب، وإنّما هو في الواقع مهما سما ذكره ملكا كان أو امبراطوراً أو رئيس جمهورية ليس الا وكيلا عن الأُمة، خادماً لها منفذاً لارادتها، يتقاضى ما يتقاضاه من مرتب لرعاية مصالح هذه الأُمة، فعليه الخضوع لارادتها، وله واجب التكريم لأنه يمثل الأُمة كلها، تركزت فيه كرامتها ومجدها، وأصبح بهذا الوضع موضع اعتزازها، بشرط ألا يعبث بحقوقها في مراقبة ادارة حكم البلاد، وانفاق أموال الأُمة في المرافق العامة بما يعود عليها بالخير العميم، وحتى يتحقق حسن اختيار نواب الأُمة يجب أن يكون ناخبوهم على درجة من الثقافة والادراك بحيث يسدون أصواتهم لاخيارهم، ثم يراقبونهم في أعمالهم، وهؤلاء النواب بدورهم يراقبون وزراء الحكومة حتى إذا انحرف احدهم عن جادة الحق سلبوه ثقتهتم وأسقطوه.
بهذه الاوضاع السليمة: يقظة الشعب، ويقظة الناخبين، ويقظة النواب، ويقظة الوزراء تستقيم أداة الحكم وتؤتى ثمارها الطيبة وتتحقق الديمقراطية السليمة فإذا اختل عنصر منهذه العناصر انهار البناء كله، وأصبح الحاكم الفرد يرنوا إلى السلطة المطلقة، وقد ينقلب رئيس الجمهورية إلى ملك، كما قد ينقلب الملك إلى طاغية متى رأى الأُمة التي يحكمها في جهل وفي سبات عميق.
فالجهل وفساد الاخلاق وتنازع الاحزاب أو الافراد في سبيل المصالح