/ صفحة 369/
ثم أعقبته قوانين ونظم أخرى، وأخذت دول الغرب تبنى نظما لرعاياها على غرار النظام الانجليزى، ثم ارتفعت وتنوعت النظم وأخذت تتقارب شيئاً فشيئا من الديمقراطية أي سلطة الأُمة، وأنها تكون مصدر السلطات إلى أن وصلت إلى الحالة التي نراها الآن.
* * *
وانا نجد في نظام انجلترا أمراً يلفت النظر، ذلك أنها اقتبست نظام الجمهورية الرومانية، ذلك النظام الذي ادمج حكم الفرد مع حكم الارستقراطية وحكم الشعب. وبذلك تدرجت في النظام الديمقراطى تدرجاً هادئاً تبعاً لتطور الزمن وحاجاته، فهى لم تتخذ الجمهورية نظاماً لها، وإنّما جعلت على رأس حكومتها ملكاً، وهذا هو نظام الحاكم الفرد الذي ذكره أرسطو في تقسيم أنظمة الحكم كنظام أول.
ثم أخذت حكم الارستقراطية، فأقامت مجلس اللوردات وأخذت سلطة الشعب وأقامت مجلس العموم، وكونت منهذه النظم الثلاثة القديمة نظاماً واحداً ممتزجاً هو - أساس ديمقراطيتها الحالية- كان يحبذه أرسطو وأفلاطون من قبل، وكان القناصل في جمهورية الرومان بدل الملوك، وحتى تحقق هدف الديمقراطية رغم وجود حاكم فرد فيها، ورغم وجود نظام الارستقراطية بالابقاء على النظام الارستقراطى بمجلس اللوردات، برغم هذا كله وبرغم الاحترام والتقديس لتاج الملك وشخصه وأنه مبعث كرامة الدولة البريطانية، وولائها له، برغم هذا كله فإن الأُمة الانجليزية قد منعت الملك من أن يكون مصدر أية سلطة، حتى أصبح بحكم مركزه الحالى كرئيس جمهورية برلمانية في أنه ((يملك ولا يحكم)) بأوسع معانى هذه الكلمات.
ثم أعطت بعض السلطة لمجلس اللوردات الذي يختاره الملك بشروط خاصة لمن حمل لقب اللوردية مقاب لخدماته التي أداها لامته، وأخذت بتوالى الازمنة تنقص من حقوق مجلس اللوردات شيئاً فشيئاً حتى لا يقف حجر عثرة في سبيل ما يقرره نواب الأُمة.