/ صفحة 368/
ولا ينادون بحقوق الإنسان كانسان الا أيام المحن والشدائد، فما أن وضعت هذه الحرب الثانية أوزارها حتى عادوا إلى ما كانوا عليه من جشع واستعمار، وحب السيطرة والاستغلال، وظلم الإنسان لاخيه الإنسان، ونكران لاوامر الله ونواهيه.
* * *
والان وقد ظهرت قوة مناوئة في الشرق هي قوة السوفييت ومن يدور في فلكهم، وأصبح الغربيون في وجل وفزع من هذه القوة الهائلة التي تقف لهم بالمرصاد، وتتربص بهم الداوئر، فما الذي نرجوه من ساسة الغرب؟ حصل أثناء الحرب الثانية، مثل ما حصل في الحرب الاولى، ففى الاولى نشر الدكتور ولسن مبادئه الاربعة عشر، وفي الثانية كان اتفاق الاطلنطى على ظهر باخرة بين المتحاربين الغربيين سنة 1941 م، وبشر الرئيس روزفلت العالم كله بمثل ما بشر به الدكتور ولسن من قبل من حق الامم في تقرير مصيرها، ومن منع الظلم والجور والخوف، وأن تكون الشعوب صغيرها وكبيرها سواسية أمام العدل العالمى، لا فرق بين قوى وضعيف، والله أعلم بمصير هذه البشرى، والحوادث تشعرنا بأن سيؤول أمرها إلى ما آل إليه أمر بشرى الدكتور ولسن من قبل.
* * *
كيف ظهرت الديموقراطيات الحديثة:
قلنا ان العصور الوسطى وما قبلها قد عصفت بالديموقراطية اليونانية كما عصفت بالديمقراطية الرومانية، واستمر الاستبداد في تلك العصور الوسطى يفتك بالحريات فتكا ذريعاً، فلطالما رزحت البشرية في تلك العصور المظلمة تحت أثقال، الملوك والولاة الظالمين، وتحت أثقال الاقطاعات ورجال الدين، وأصبح الناس بذلك غير آمنين على أموالهم وأنفسهم وأعراظهم، فكانت الفوضى بأقبح معانيها إلى أن قام الاشراف في انجلترا وهم النبلاء من طبقة الارستقراطية يحدون من سلطة الملك في سنة 1215 م بالميثاق الاكبر السالف الذكر.