/ صفحة 366/
على أن ذلك لم يمنع من وجود أفكار رجعية، كان يعلنها الرجعيون في أوربا قبل الثورة الفرنسية وبعدها، وهم رجال طمس الجهل عقولهم، أو كانوا يتملقون الملوك والحكام لغاية في أنفسهم.
ومن أمثال هؤلاء ((مكيافيلى)) الايطالى ظهر في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، ونشر مؤلفات، منها كتابه المعروف، ((الامير)) يفسد فيه ما درج عليه الإنسان من مكارم الاخلاق، ويحبذ طغيان الحاكم وختله وأثرته، ومنهم ((هوبز)) الانجليزى، كما ظهر نوع آخر من أمثال، ((نيتشه)) الفيلسوف الالمانى في القرن التاسع عشر ينادى بتفاوت العناصر، وأن بعضها يجب أن يسود البعض الاخر ويحكمها.
ورغم هذا النوع الاخير من الرجعية فقد كانت الحركات في جملتها تسعى إلى تحقيق الديمقراطية، حتى نالتها أكثرية الامم، سواء في أوروبا أو أمريكا أو غيرهما.
* * *
الحروب العالمية:
أتت الحرب العالمية الاولى سنة 1914، وكانت أمم حرة وأخرى تحت نير الاستعمار أو الاحتلال، وقبل أن تضع تلك الحرب أوزارها، أحس رجال السياسة بوطّاتها، وبما سببته من آثار مروعة، فنادى الدكتور ((ولسن)) رئيس جمهورية الولايات المتحدة بما نشره على الملأ من وجوب تقرير السلام العالمى، والعدل الشامل لكافة الامم، وأعلن مبادئه الاربعة عشر، وهي تنص فيما تنص على حق الام صغيرها وكبيرها في تقرير مصيرها.
وقد كان لهذا البيان أثره الساحر في الامم المغلوبة على أمرها، كما كان له أثره في تقرير مصير الحرب، بعد أن انضمت الامم المظلومة إلى مناصرة فريق الدكتور ((ولسن)) ومنه انجلترا.
وما أن وضعت الحرب أوزارها، وفاز المنتصرون بنصرهم حتى قامت الثورة