/ صفحة 363/
تخلص من هذا إلى أن الديمقراطية اليونانية عندما وصلت إلى أسمى درجاتها كانت ديمقراطية محلية قاصرة على المواطنين اليونانيين، واستمرت في حرمان المرأة من حقوقها العامة، وفي اجازة الاسترقاق، وفي اباحة الفتح والغزو.
***
ديمقراطية الرومان:
مرت الايام والسنون وسقطت دولة اليونان تحت حكم الاسكندر المقدونى ثم دخلت بعد ذلك في حوزة الامبراطورية الرومانية، وبذا انطمست فيها معالم المدنية، ونضبت ينابيع الحكمة والفلسفة والعلم والفن، وانطفأ نورها الذي كان يشع في العالم كله وما زالت بعض آثار فلسفتهم وعلومهم ومنطقهم وحكمتهم يتداولها الناس إلى أيامنا هذه يسترشدون ببعض مافيها من كنوز خالدة الاثر.
قامت دولة الرومان من روماً، واكتسحت أكثر بقاع الأرض في ذلك الحين سواء في أوربا أو آسيا أو افريقيا، وأصبح البحر المتسوط كله بحيرة رومانية، تحيط به الاملاك الرومانية من جهاته الاربع.
كان على الرومان أن يختاروا نظاماً لامبراطوريتهم الشاسعة، فتقلبوا في أنظمة الحكم التي يراها أرسطو، فمرة يكون الحكم للفرد المطلق التصرف، ومرة يكون الحكم تحت سلطان طاغية، وحيناً يكون الحكم للارستقراطية أو للاوليجاركية ثم يكون للديمقراطية، وقد يكون الديماجوجية.
تعاقبت هذه الانواع من الحكم على الدولة الرومانية، ولم تخل في أي وقت من أوقاتها من تلك المآخذ التي لا حظناها ولاحظها المؤلفون على الديمقراطية اليونانية، فلم يكن فيها حقوق كاملة للمرأة، كما أن الاسترقاق فيها كان قوياً عنيفاً واسع النطاق، وكان الاسرى يباعون في الاسواق كما كانوا يباعون في بلاد اليونان وكان للسادة الاحرار حق معاملة الاسرى والارقاء بغلظة وخشونة، حتى أنه كان للسيد الحق في بعض الاحايين في جلد الارقاء أو سجنهم أو قتلهم إذا ارتكبوا بعض الهفوات، وأباحت الدولة الرومانية في جميع أطوارها حق الغزو والفتح،