/ صفحة 355/
وقرأ فى مثل هذا من سورة الانفال قوله تعالى فى شأن غزوة بدر: ((إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أنى ممدكم بألف من الملائكة مردفين)) .(1)
سر هذه العناية:
ولا ريب أن من أقوى وسائل التربية فى الامم عرض صفحات الماضين، وأنها بما توحى من أسباب القوة، نور يضىء السبيل للسير فى طريق النصر، والاحتفاظ بالمجد الذي كان للاباء.
موازنته بين نصر الله للمؤمنين وخذلانه للمكذبين والمخالفين:
وقد أراد الله فى هذا المقام أن يأخذ المؤمنين إلى المثلات الماضية الاولى، ليؤكد لهم أن المخالفة والعصيان، ونقض العهود فى سنن الاجتماع من أسباب العواقب السيئة التى تنزل بالامة جزاء طبيعيا لمسلكها أزاء الحق والتهاون فيه. ومن هنا قفى ذلك النداء بما كان عن موقف بنى اسرائيل من عهدالله وميثاقه الذي أخذه عليهم، وسبحت الايات فى ذلك سبحاً طويلا. فلتقرأه من قوله تعالى ((و لقد أخذ الله ميثاق بنى اسرائيل وبعثنا منهم اثنى عشر نقيبا وقال الله انى معكم... إلى قوله ((قال فانها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون فى الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين)) .
النداء السادس:
ثم يجىء بعد ذلك النداء السادس ((يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا فى سبيله لعلكم تفلحون، ان الذين كفروا لو أن لهم ما فى الأرض جميعاً ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم، يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم)) .
هذا هو النداء السادس من النداءات الالهية التى اشتملت عليها سورة المائدة، وقد طلب فيه من المؤمنين كما هو ظاهر تقوى الله، وابتغاء الوسيلة إليه، والجهاد فى سبيله. وذيل برجاء الفلاح للمؤمنين إذا هم حققوا ذلك المطلوب، ثم ألحق به

ــــــــــ
(1) اقرأ الايات من 9-14.