/ صفحة 254/
وعمومها يشمل الاولين والاخرين إلى يوم الدين:
وليس التذكير بهذه النعمة قاصراً على من وقعت لهم تلك الوقائع، بل هي منّة عامة يجب أن يشكرها لله عزوجل كل مؤمن إلى يوم القيامة، فالنبى هو الذي قد بلغ الرسالة، وأصحابه هم الذين تلقوها بالقبول وعملوا على نشرها فى الامصار والجهات حتى وصلت سليمة من التحريف والتبديل إلى الذين جاءوا من بعدهم، فهى نعمة عامة شاملة، موصولة النفع بالاجيال كلها إلى يوم الدين ان شاء الله، وعلى المتأخرين الذين يعرفون فضل الله عليهم بهذه النعمة أن يذكروها وأن يقفوا من دينهم، وتعاليم نبيهم موقف السابقين الاولين حتى يكون فيهم لمن بعدهم القدوة الحسنة التى كانت لهم فى آبائهم الاولين، وبذلك ينتفع آخر الأُمة بما انتفع به أولها، وتكون الأُمة الإسلامية كالحلقة المفرغة يقوّى أولها آخرها، ويسلك آخرها سبيل أولها، هكذا يجب أن يكون، ولكن لله فى خلقه شئون وشئون.
عناية القرآن بتذكير المؤمنين بحوادث النصر:
هذا وقد عنى القرآن كثيراً بتذكر المؤمنين بحوادث النصر الذي سجله تاريخ الجهاد الإسلامي فى عهد التبليغ، ومن ذلك قوله تعالى فى سورة الاحزاب: ((يأيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها، وكان الله بما تعملون بصيراً، إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر، وتظنون بالله الصنوناً هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديداً...)) إلى أن يقول: ((و رد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالو خيراً، وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قوياً عزيزاً، وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف فى قلوبهم الرعب، فريقاً تقتلون، وتأسرون فريقاً، وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضاً لم تطئوها وكان الله على كل شيء قديراً)) (1)

ــــــــــ
(1) سورة الاحزاب الايات من 9- 27.