/ صفحة 353/
النداء الخامس: روايات المفسرين عن سبب نزول آيته:
ثم يجىء النداء الخامس ((يأيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ همّ قوم أن يبسطوا اليكم أيديهم، فكف أيديهم عنكم، واتقوالله وعلى الله فليتوكل المؤمنون)) ويحاول المفسرون كعادتهم أن يجعلوا الآية اشارة إلى حادثة معينة، فيقول بعضهم أنها نزلت فى رجل هم بقتل النبي صلى الله عليه وسلم، وكان بيده السيف، وليس مع النبي سلاح، قام على رأس رسول الله، وقال: من يمنعك؟ قال: الله، فوقع السيف من يده، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: من يمنعك؟ قال الرجل: كن خير آخذ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: تشهد ألا اله الا الله وأنى رسول الله؟ قال الرجل: أعاهدك ألا أقا تلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك، فخلى سبيله، فجاء الرجل إلى قومه، وقال: جئتكم من عند خير الناس.
ويقول آخرون: أنها نزلت فى قصة النبي مع بنى النضير حينما ذهب إليهم ومعه أبوبكر وعمر وعلى يطلبون منهم الاعانة على قتل رجلين كان معهما أمان من النبي ولم يعلم به من قتلهما، وكان بين النبي وبنى النضير عهد التعاون فى الديات فلما حضر عندهم لذلك وهو بين أظهرهم، أظهروا له القبول، وقالوا: نعم يا أبا القاسم. قد آن لك أن تأتينا وتسألنا حاجة، اجلس حتى نطعمك ونعطيك الذي تسألنا، فلما جلس بجانب جدار لهم وجدوا أن الفرصة قد سنحت للغدر به، وهموا أن يطرحوا عليه صخرة، فأعلم النبي بذلك من ربه، فانطلق وتركهم.
الآية تذكر بوقائع الاعتداء على المؤمنين عامة:
والذى نفهمه أن الآية تذكير عام بوقائع الاعتداء على المؤمنين، وماكان من الاعداء من محاولة قتلهم، والتدبير لهم منذ بدء الدعوة والاستجابة لها إلى نهايتها، ولا ريب أن التذكير بها يتضمن التذكير بنعمة الخلاص منها; وتوافر قواهم على رد العدوان، كما يتضمن لفت الانظار إلى أسبابها من صدقهم واخلاص نيتهم وتضامنهم فى رد كيد الكائدين، وكبح جماح الظالمين.