/ صفحة 351/
ولا ريب أن أعطم ما يغار الله عليه من الاحكام ما يكون محققاً للعدالة والرحمة بين عباده، ومن هنا جاء النداء الرابع من نداءات هذه السورة ((يأيها الذين آمنوا كونو قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى. واتقوا الله ان الله خبير بما تعلمون)) .
ما يشتمل عليه هذا النداء: القوّامية لله، وأثرها فى السمو بالانسان:
وقد اشتمل هذا النداء على أمور ثلاثة:
أولها: أن يكونوا قوامين لله، وهذا يمثل القوة والاخلاص فى الافوال الافعال، والثبات فى خدمته سبحانه وتعالى، والارتفاع بالنفس عن منازل الانحطاط، ومزالق الهوى، ((قل ان صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين (1)) )، ((و من أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة ابراهيم حنيفاً(2)) ) ((و من أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال اننى من المسلمين)) .(3)
لا يرضى الله لعباده الا أن يكونوا فى منازل السمو والرفعة، والنأى عن مراتع الهوى، والشهوات. لايرضى لهم الا السمو بأنفسهم إلى مدارج القوة والسلطان والهيمنة على كل ما سخر لهم فى هذه الحياة. ((و إذ يعدكم الله احدى الطائفتين أنها لكم وتودّون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويرد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين(4)) ) ((و لا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الاعلون ان كنتم مؤمنين(5)) ).
القيام بالقسط وحمايته ولو بالقوة:
وثانيها: الشهادة بالقسط، وهى الغاية من ارسال الرسل، وانزال الكتب ((لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط
ــــــــــ
(1) من سورة الانعام 162، 163.
(2) من سورة النساء، 125.
(3) من سورة فصلت، 33.
(4) من سورة الانفال 7
(5) من سورة آل عمران، 129.