/ صفحة 350/
للاولين من خلقه، هو عهده للاخرين منهم، وأن ما أخذه على الاولين، هو ما أخذه على الاخرين: ايمان بربوبيته، وتنزيه لالوهيته، وامتثال وطاعة لاحكامه وشرائعه،و من هنا نرى فى القرآن الكريم تذكير الاخرين بنعمه على الاولين إذا أطاعوا، ونقمه عليهم إذا خالفوا، فالمصدر واحد، والهداية واحدة، والخلق واحد.
خطة الهية واحد لانسانية فى قديمها وحديثها واحدة:
ومن هنا جاءت الايات المصرحة باتحاد خطة الانبياء، وبأنهم جميعاً يوحى إليهم من عندالله، وبأن ما شرع للمتأخر من دين وعقيدة هو ما شرع المتقدم، فالانسانية فى نظر الالوهية واحدة، ووضعها واحد، لم تحكم فيها طبقات، ولا أجناس ولا أقاليم، ولا لغات، فالكل أمام المسئولية الالهية سواء، وكلهم مأخوذون بعهد الله وميثاقه، ولكن الناس بأهوائهم وفتن هذه الحياة، جعلوا الرسالات الالهية الواحدة، والعدل الالهى الواحد، والفضل الالهى الواحد، أنواعاً متعددة، وصوراً مختلفة متباينة، وانحاز كل فريق بدواعيه الخاصة إلى ما حدد له ورسم لنفسه من شرعة ودين، وبذلك فرقوا دين الله، وهداية الله، وكانوا لانفسهم هم الظالمين، ((ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم فى شيء، إنّما أمرهم إلى الله، ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون)) .
هذا ما أردنا أن نفتح أبوابه أمام القارىء لرسالة الإسلام فى ظل من ختام النداء الثالث من النداءات الالهية فى سورة المائدة: ((و اذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا واتقوا الله ان الله عليم بذات الصدور)) .
النداء الرابع:
ولا يفوت القارىء الكريم أن التذكير بمواثيق القادر القاهر، الرحيم المتفضل، مما يوجب الوفاء، وأن التذكير بالنعم مما يوجب الشكر، والشكر والوفاء طريقهما القيام بأحكام الله وما يرضيه من أعمال الخير للفرد والجماعة،