/ صفحة 295/
قال: من حقه لا بل من واجبه أن يفعل مهتديا بهدى القرآن.
قلت: لقد سألنى شاب أجنبى كان يتعلم العربية. لماذا لا تقولون (محمد) بإسكان الدال فى جميع الاحوال بدل قولكم محمد بالرفع تارة ومحمداً بالنصب تارة ومحمد بالكسر ثالثة، وانها لفكرة فيما أرى، فلم لا يضع المجمع اللغوى هذه القاعدة - قاعدة تسكين أواخر الكلم متى ثبت أن الاذان قد تطورت فاستثقلت حركات الاعراب؟
قال: أفهذا روسم عثرت عليه فى كتاب الله أخزاك الله، أم تريد اقامة قواعد اللغة على فكرة شاب أجنبى أعيته حركات الاعراب؟
قلت: ان اللغة لمتطورة تطوراً تلقائياً، ومن يدرى فقد تتحقق فكرة ذلك الشاب الاجنبى.
قال: كذبت وصدق أحكم الحاكمين ((انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون)) ولن تتطور لغة القرآن الا فى حدوده لا تتعداها، بل هو معيار الادب العربى فى كل زمان ومكان، فالادب يرتفع وينخفض بقدر ما يقرب ويبعد عن لغة الكتاب، فهو المثل الاعلى وأنت تدنو منه أو تنئاى عنه، ولكنك لن تبلغه أيا كان حظك من البلاغة.
قلت: هذه قاعدة بديع، الادب العربى يسمو أو يهبط بقدر ما يدنو من القرآن أو ينآى عنه.
قال: ليست قاعدة بديعة بل هو أمر واقع مذ نزل به الروح الامين. ألم يكن من آثاره أن امحى سخف السجع، سجع كهانة الجاهلية وما إليه، فكانوا يتكلمون تلك اللغة السليمة التى تراها نثراً وشعراً. ثم شاء الله أن يسخفوا كرة أخرى بفعل أصحاب البيان والبديع أو قل بفعل كهانة بديعية ان فى القرآن لبياناً وبديعاً فطرياً بيد أنك لا تجد فيه شيئاً يحيل (تفاح الخدود بنفسجا وكافور الترائب عنبراً) أو (زورقا من فضة أثقلته حمولة من عنبر).
قلت: يبدو أنكم تستقبحون (التجميل) أو التحسين اللفظى....