/ صفحة 260/
الحكم إلى رجال يؤتمنون على حسن ادارة البلاد بدقة وطهر وأمانةو تضحيات أملا في خدمة الامةو رفع شأنها.
أما النوع الثانى من حكم الطبقات وهو الحكم الفاسد الذي ارتآه ارسطو، فلا يسميه بالارستقراطية، وإنّما يطلق عليه إسم ((الاوليجاركية)) ومعناها حكم الاقلية، أي حكم فريق من أولئك الذين أثروا دون أن يكون لهم نبل مشهود به، إذ المعروف في تلك البلاد القديمة أنهم كانوا يعتبرون طبقة الفلاسفة والحكماء والاشراف طبقة ممتازة لها احترامها وتبجيلها، وما كان الناس في تلك العهود سواء أكانوا في بلاد اليونان أو غيرها ليحترموا طبقة الزراع والصناع والتجار، فهى صناعات يدوية، وكان الناس في مصر من عهد قريب بمثل هذا الرأي يرون طبقة الفلاح والصانع والتاجر طبقة ثانوية، وكانوا يقولون فى مصر ان أبناء أولئك الناس ليسوا من ذوى الاصول أي النسب والحسب، وبلاد اليونان القديمة كغيرها كانت على هذه الوتيرة، لكن التجار والصناع فيها قد أثروا وأصبح لهم نفوذ وخطر، نفوذ جعلهم ذوى سلطان مكنهم من الوثوب إلى الحكم، وليست لهم عراقة الاصل، يصلون إلى الحكم للجاه لا لخدمة البلاد ولجمع الثروات لا للتضحيات في سبيل الوطن، فتنقلب بذلك حالة البلاد من حكم نبيل طاهر إلى حكم الجهالة والدنس الذي لاغية له الا اشباع أطماع هؤلاء الدخلاء.
وقد يمكننا أن نضرب مثلا لهذه الحالة في بلادنا المصرية - وهي حالة حكم الاقلية، الذين لايرجى منهم خير للبلاد، والذين يملكون نواصى الأُمة بالعسف والجبروت لمصالحهم الخاصة - بهؤلاء المماليك الجراكسة النازحين إلى مصر، والذين كانوا من الموالى والعبيد، أولئك الجهلاء المستبدين الذين لايعرف لهم أصل يوثق بفضله ونبله، والذين هم في الغالب من العبيد العتقاء، وقد أصبحوا من الجند أو القادة بفضل انتسابهم إلى سادتهم من غير المصريين، هؤلاء المماليك الجراكسة وثبوا إلى حكم البلاد المصرية، والتاريخ يشهد بأنهم فوق جهلهم وبغضهم واحتقارهم للامة التى آوتهم قد عاثوا في الأرض