/ صفحة 259/
(2) حكم طبقة معينة:
أما النوع الثانى من الحكم كما ارتآه أرسطو، وكما حدث فعلا في زمنه وقبل زمنه، فهو حكم طبقة معينة أو فئة معينة، وهو كحكم الفرد المذكور آنفا يشمل نوعين: أحدهما صالح، والاخر فاسد.
فالنوع الصالح من هذا الحكم هو ما يسميه أرسطوا بحكم ((الارستقراطية)) ومعناها في اللغة اليونانية ((حكم الممتازين)) أو الاخيار، وقد كان أفلاطون يرمى إلى أن يعهد بالحكم إلى الفلاسفة، فإذا عهد إليهم بذلك وكان الحكم وقفاً على الفلاسفة مثلا وهم الرجال الاخيار أو الممتازون، كان هذا الحكم هو حكم الارستقراطية، وقد اتسعت فكرة الرجال الممتازين في اليونان وفي غيرها، فاعتبروا من الممتازين طبقات أخرى كطبقة رجال الدين أي الكهنة، ومثلها مثلا في بلاد الهند طبقة البراهمة وهي الطبقة العليا في تلك البلاد تمتاز عن باقي الطبقات بامتيازات خاصة دقيقه، ويدخل في هذا النوع حكم كبار الرجال الذين امتازوا بفضلهم ونبلهم، وكانوا بما لديهم من رفعة الجاه وسعة الثراء يدافعون عن الوطن ويجندون الجنود وينفقون من أموالهم ما يلزم للجيش في الدفاع عن الاوطان دون أن يكون لهم أرب في مصلحة ذاتية.
يضاف إلى ذلك ما فهمه الناس في بعض الاوقات من فكرة الانتساب إلى أصل مقدس مثلا فلطالما شاع في بلدان كثيرة فكرة اسناد الأمر إلى أولئك الاشراف الذين ينحدرون من أصل مقدس كما يقولون مثلا في بلاد العرب في تلك الازمنة باسناد الحكم إلى من يسمونهم بالخلفاء لانحدارهم من سلالة أصل مقدس، وتلك كانت الفكرة التى اتخذها بعض العرب للمسلمين سندا للخلافة أي اسناد الحكم إلى تلك الطبقة الارستقراطية عندهم.
تلك إذن انواع كثيره من ارستقراطية تطوف بالعقل الإنساني، وتكوِّن ما يمكن التعبير عنه بسلطة الأخيار أو الممتازين، والغرض من هذا كله أن يسند