/ صفحة 255/
ولنشرح كل نوع من هذه الانواع الستة، حتى يمكننا أن نحيط بعض الاحاطة بما رآه ارسطوا، وبما يمكن أن يستخلصه أي قارىء.
(1) حكم الفرد:
فالنوع الأول وهو حكم الفرد، وينقسم كما قلنا إلى قسمين: اما حكم الفرد الصالح أو حكم الفرد الفاسد، فحكم الفرد الصالح يسميه أرسطو بلغته اليونانية ((الحكم الاوتوقراطى)) ذلك الحكم الذي يكون في يد رجل، ويمكننا أن نقول أن الرجل الواحد قد يكون ملكا أو امبراطوراً أو قيصرا أو شاها أو سلطانا أو ماشئت من الاسماء، إنّما المهم أن تكون البلاد تحت امرة رجل له سلطة مطلقة، ولايكون فاسدا - ويمكننا أن نتصور هذا الحكم بأن تخضع البلاد لرجل واحد صالح يكون له مستشارون يندبهم ليحيطوه علما بما يجرى في البلاد، ويمدوه بنصائحهم وصادق آرائهم في ادارة البلاد، ومنع الظلم عن الرعية، والنهوض بالشعب إلى المستوى الذي يجب أن يكون عليه من عدل وتربية وتثقيف أملا في أن ترقى البلاد إلى المستوى اللائق بها بين اللامم في القوة والعظمة والرفعة.
ويحضرنى في هذا المقام- إذا أردت أن أضرب مثلا لحكم الفرد الصالح - أمثلة عدة لملوك يمكن أن يطلق على كل واحد منهم كما يقال الآن لقب المستبد الصالح، وانى لاختار أمثال عمر بن الخطاب أو غيره من ملوك الشرق والغرب فسيرتهم جميعا معروفة في التاريخ وفي الامم الكافة.
لكنى وقد طفت بلاد الهند علق بذهنى إسم امبراطور عظيم مسلم هو ((اكبر خان)) كان هذا الرجل الحاكم الاكبر والامپراطور الاعظم للبلاد الهند في القرن السادس عشر، وكان نموذجا للحاكم الفرد الصالح ولا يعنينا من سيرته اتساع سلطانه إنّما الذي يعنينا هنا الطريقة التي ادار بها امبراطوريته الواسعة وملكه الفخم، فقد كان هذا الملك يحكم بلادا شاسعة مترامية الاطراف كثيرة السكان، وهي بلاد الهند كلها، وفيها قلة من المسلمين وكثرة ساحقة من الهنود.