/ صفحة 254/
قام الحكماء والفلاسفة بالعمل على تطهير النفوس، فكان أظهرهم سقراط ذلك الحكيم الكبير أستاذ أفلاطون، ذلك الفيلسوف الذي اكتفى بالنقد والحوار الذي سجله أفلاطون في كتبه المعروفة.
كانت حياة أفلاطون في القرن الخامس والرابع قبل الميلاد، وقد ابتكرطرقا عديدة عملية لخدمة بلاده والانسانية، ووضع فيما وضع كتاب: ((الجمهورية)) وكتاب: ((القوانين)) وكان يهدف في تفكيره إلى جعل ادارة البلاد في أيدى الفلاسفة، لانهم في نظره أرفع شأنا وأوسع عقلا، وأقدر من غيرهم على حسن ادارة البلاد، ووضع في كتاب الجمهورية مشروعه المعروف، وهو أن يؤخذ الاطفال جميعا من والديهم ويربوا على نسق متجانس من التربية، ويدربوا على أن يكونوا أبناء الوطن لا أبناء آبائهم.
ثم كان أرسططاليس أو أرسطو، وهو الملقب بالمعلم الأول، وقد كان تلميذا لافلاطون في القرن الرابع قبل الميلاد، كان هذا الفيلسوف الكبير يختلف عن أستاذه أفلاطون في أنه كان رجلا واقعياً، أما أفلاطون فقذ كان فيلسوفا نظرياً انسانياً الهياً.
نظر أرسطو وهو الفيلسوف الكبير الواقعى، صاحب مذهب المشائين، وأستاذ الاسكندر الاكبر ومعلمه ومرشده - نظر هذا الفيلسوف إلى الدساتير الاغريقية قديمها وحديثها، وكانت كلها بين يديه، نظر إليها نظرة العالم المدقق، والخبير العملى الذي يخضع للعقل والمنطق والواقع معا، نظر إليها وكانت كثيرة، فاستخلص منها الوضع الواقعى كما ارتآه، وهو أن الدساتير مهما تختلف أوضاعها وطرائق التفكير فيها، ترجع في حقيقتها إلى أوضاع ثلاثة في ادارة حكم البلاد.
رأى بحكم الواقع الذي لا جدال فيه، أن البلاد اما أن يحكمها فرد أو فئة أو الجمهور كله أي الشعب، فتلك نظم ثلاثة تتفق والواقع ولايمكن وجود نظام آخر غيرها، وفي تلك الاحوال الثلاثة، قد يكون حكم الفرد صالحا أو غير صالح كما يكون حكم الفئة كذلك، كما يكون حكم الجمهور كذلك، فنستخلص من هذا كما يرى أرسطو أن حكم البلاد يكون على ستة أنظمة، نصفها صالح والاخر فاسد.