/ صفحة 252/
في مدينة أثينا، وهو ((صولون)) ذلك الذي وضع نظاما أو دستورا لمدينة أثينا في القرن السابع والسادس قبل الميلاد. كما لا ننسى نظاما آخر وضعه ((ليكورجوس)) لمدينة اسبرطة في القرن التاسع قبل الميلاد، ذلك الذي جعل في اسبرطة نظاما من نوع آخر، يهدف إلى تكوين شعب حربى قوى يتولى تدريب أبناء اسبرطة على الكر والفر والقتال، ويجعل منهم شعبا مهيب الجانب.
هذان هما انظامان الرئيسيان اللذان سادا في بلاد اليونان، ولهما غايتان مختلفتان، الاولى: غاية أثينا، أو هي غاية صولون في تكوين أمة ديمو قراطية، بأوسع معانى الديمقراطية والاخرى: تهدف إلى تكوين شعب اسبرطة تكوينا قويا اشتراكيا، يجعل من اسبرطة مدينة شعب قوى مهيب.
* * *
ولقد كان لهؤلاء اليونان الاقدمين تكوين خاص، وعقلية خاصة، فهم نازحون من بلاد إلى هذه البقعة المعروفة الآن ببلاد اليونان، نزحوا يجاهدون في سبيل العيش، فكان عليهم أن يعملوا ويفكروا، وأتوا إلى هذه البلاد مع ما فيها من وعورة المسالك وقلة المياه، وصعوبة الحصول على العيش من الزراعة وحدها، ولكنهم وجدوا أنفسهم في أرض متصلة بالبحار من جهاتها الكثيرة وكان عليهم أن يعملوا في التجارة والملاحة بعقولهم وجهودهم، فأصبحوا بحكم ظروف هذه البيئة مضطرين إلى العمل والتفكير، لا إلى الدعة والتواكل، حتى يعوضوا بجهودهم وتفكير هم ما ضنت به الطبيعة عليهم من خيرات تقوم بأودهم، وترضى أطماعهم في الحياة.
بهذه العوامل المختلفة، وبفضل استعدادهم الفطرى تكونت في هذه البيئات عقول جبارة مفكرة، تختلف كثيرا عما كانت عليه الامم المحيطة بها سواء في أوروبا أو في آسيا أو في أفريقيا.
نظر هؤلاء الناس إلى الكون من جميع نواحيه، وظهر من بينهم عقلاء وحكماء وفلاسفة ورجال حرب وكفاح ورجال أنظمة حكومية وادارية،