/ صفحة 244/
ذكرت السفر والتيمم فيه، كانت كلها مجمعة على أن القوم لم يكن عندهم ماء وهم على سفر، وأن التيمم أبيح لهم وهم على تلك الحال، ونحن نقول: أبيح لهم التيمم وهم على تلك الحال، وهل منعوا منه وهم على سفر مع وجود الماء؟ لم يرد ذكر حالة مثل هذه، وليست الاباحة في الحالة التى وقعت لهم مانعة من الاباحة في مثل تلك الحالة إذا وقعت، ولم يوجد نص قولى يعم الاحوال كلها، ويحدد ما يباح التيمم فيه للمسافر وما لا يباح، فكل ما ورد وقائع أحوال لاعموم لها ولا تدل على انتفاء الحكم في غيرها. قالوا: ان ذكر السفر هنا لدفع توهم أنه مرخص بذاته، كما عرف له ذلك في الصلاة والصوم، وكأنه يقول: ان السفر في هذا الباب ليس مرخصا بذاته، ولا أثر له في اباحة التيمم الا إذا عدم الماء كالمقيم سواء بسواء، ولعلهم يقولون بمثل ذلك في المرض ويمنعون تيمم المريض متى كان الماء موجودا، وإلى هذا ذهب بعض الفقهاء، ونحن نقول: كان يكفى الاقتصار على عدم وجود الماء، فيعم الاحوال كلها، ويفهم ذلك الذي تقولون من مجرد الاقتصار على عدم الماء، ومن المعلوم أن الرخصة لا تثبت لحالة خاصة الا إذا نص عليها، وما لم ينص عليها، يعممها الحكم دون استثناء ثم كيف يقبل أن المرض لايبيح التيمم، وعندئذ يقولون دفعا لهذا: ان المراد بعدم الوجدان عدم القدرة على استعماله والانتفاع به، ويكون بذلك عدم الوجدان مستعملا في حقيقته ومجازه فإن قالوا: دل على هذا الاستعمال قاعدة نفى الحرج وما أباحه الله من الرخص في حالة المرض، قلنا: وبمثل هذا يقال في السفر، فقد أباح الله فيه، كما أباح في المرض الافطار في رمضان، وقصر الصلاة والجمع بين الصلوات، وما إلى ذلك من سائر الرخص التى رتبها الشارع عليهما معا.
ويقول الشيخ رشيد هنا: هل يقول منصف ان صلاة الظهر أو العصر أربعا في السفر أشق من الغسل أو الوضوء فيه، وضرب مثلا بالجوارى المنشآت في البحر كالاعلام، وقال: ان الماء فيها كثير دائما، وفي كل باخرة منها حمامات ولكنها خاصة بالاغنياء، وان هؤلاء الاغنياء أنفسهم منهم من يصيبه دوار شديد يتعذر عليه معه الاغتسال أو يشق، وإذا كان هذا هو حال السفن وحال الوضوء