/ صفحة 237/
به. وإذا كانت الجنابة تحدث تهيجا في الاعصاب، وفتورا يحول بين المؤمن ونشاطه وتذكره، فإن نزول الحيض في مدته طالت أم قصرت له مثل ذلك الاثر في تهيج الاعصاب، وضعف النشاط، وفقدان التذكر، والماء الذي يعم الجسم يقضى على كل ذلك، فيعيد لالعصاب اعتدالها، وللنشاط توافره، وللتذكر قوته وهذا هو الذي نراه في الموضوع، وإن كان ما ذكره بعض الفقهاء لايخلو عن شيء من الطرافة في التخريج والاجتهاد.
هذا ما أردنا وصله بحديثنا في العدد السابق، على قوله تعالى ((و إن كنتم جنبا فاطهروا)) ، وبذلك تم الكلام على الطهارتين الاصليتين اللتين وسيلتهما الماء: الصغرى، المعروفة بالوضوء والكبرى: المعروفة بالاغتسال.
التيمم وأسراره التشريعية:
ولما كان الإنسان عرضة لأن يفقد الماء، أو يعجز عن استعماله، أو يشق عليه استعماله وكانت الصلاة كتابا موقوتا على المؤمنين، يستشعرون بها عظمة مولاهم في أوقاتها المتكررة في اليوم والليلة، وينمون بها مراقبته التى هي حصن، ووقاية لهم من السوء والشر في قلوبهم، اعتبر لهم مادة أخرى يتخذون منها طهارتهم في تلك الاحوال، وهى ((الصعيد الطيب)) والتيمم به تحصيلا لتلك الطهارة التى اشترطها لصحة الصلاة، وأعطى التطهر بها حكم التطهر بالاصل وهو الماء، مادامت حالة فقدان الماء أو العجز عن استعماله أو مشقته قائمة كونه طهارة رمزية تطمئن بها القلوب ويحافظ بها على الصلوات:
وفي الواقع إن مشروعية الطهارة بالبدل في هذه الاحوال، إنّما هو لقصد اقرار التطهر للصلاة في النفس، وإن الترك في أوقات الاعذار للطهارة الاصلية - وقد تمتد تلك الاوقات أو تكثر - لسبيل بحسب العرف والعادة إلى التهاون بها في غير أوقات الاعذار، ولا يجهل أحد ما تخلفه المواظبة من ملكة الاحتفاظ بأصل المطلوب. وهذا مبدأ يقرره ويعرفه رجال التربية والنظام. نرى ذلك في تدريب الجنود على أعمال الحروب، ونراه في الايماء للصلاة في أوقاتها عند