/ صفحة 236/
ظاهرة أو خفية، كما كان: شأن الفريق الاخر من أهل الكتاب؟ تردد المسلمون في هذا الشأن الذي كان فيه أهل الكتاب بين افراط وتفريط، وسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن حكم الله الذي يرشدهم إليه، فنزلت الآية ترشد إلى أن الحيض ((أذى)) ضار مكروه، يؤذى البدن، ويفسد الصحة، فيجب البعد عنهن في هذه الحالة التى ينبعث منها ذلك الاذى حفظا للصحة، واحتفاظا بعاطفة المودة التى يفسدها تقزز النفس من التلبس بتلك المادة.
ومن هنا يبدو أن التطهر في هذه الآية لا يعدو أن يكون هو انقطاع دم الحيض وتعقب آثاره الباقية في المحل بالازالة والتنقية. وبهما يزول سبب حرمة القربان وهو الاذى. أما التطهر بمعنى الاغتسال فليس في الآية ما يدل على اشتراطه في حل القربان بعد زوال سبب المنع وهو الاذى، وإذا لم تكن الآية دالة على اشتراط الغسل في حل القربان، بطل الانتقال منه إلى وجوب الغسل لحل الصلاة، وقد تفرع في البيان السابق هذا على ذاك. واذن فلا نرى في الايات دلالة على وجوب اغتسال الحائض لحل الصلاة.
السنة توجب الاغتسال من الحيض للصلاة:
نعم وجب ذلك بالاحاديث الصحيحة المكملة لبيان القرآن، ومن هذه الاحاديث مارواه البخارى عن عائشة أن فاطمة بنت أبي حبيش، كانت تستحاض فسألت النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: ذلك عرق وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعى الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلى وصلى)) . أمرها النبي صلى الله عليه وسلم بالاغتسال حينما تدبر الحيضة، ثم أباح لها الصلاة، كما هو شأن المستحاضة.و بهذا يتبين أن التطهر بمعنى الاغتسال، مصدر وجوبه للصلاة إنّما هو السنة لا القرآن الكريم، وليس في القرآن ما يدل على خلافه.
وقد ثبت أن السنة مصدر مستقل في بيان الاحكام التى لم يعرض لها القرآن بالاثبات ولا بالنفى، على أنه مما لايقبل من أحد خلافه أن السنة تلحق ما لم يعرض له القرآن بما عرض له متى وجد المعنى الذي لاجله كان الحكم القرآنى في الملحق