/ صفحة 235/
ما يعن لهم أو يتبادر لاذهانهم، ولاحكام الدين قواعد في الفهم والاستنباط لايعرفها الا من خصصوا أنفسهم لها.
ليس في الآية اشتراط الاغتسال من
الحيض في صلاة المرأة أو حل قربها:
وكما دلت الايتان: ((و لا جنبا الا عابرى سبيل حتى تغتسلوا)) . ((و إن كنتم جنبا فاطهروا)) مع ضميمة البيان المتقدم - على أن موجب الغسل - انزال أو التقاء دل قوله تعالى في سورة البقرة: ((و لا تقربوهن حتى يطهرن)) على إن الحيض مما يفقد صفة الطهارة التى هي شرط في صحة الصلاة، وأنه موجب للغسل كالانزال والالتقاء، وقد وجه ذلك بعض الفقهاء فقال: دل قوله تعالى: ((و لا تقربوهن حتى يطهرن)) على وجوب الاغتسال بالنسبة للقربان، وبالنسبة للصلاة، أما بالنسبة إلى القربان، وهو الذي سيقت له الآية: ((و يسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض... الخ)) فقد غيا الله سبحانه حرمة القربان الذي كان حلالا بالاغتسال، فينبغى أن تنتهى الحرمة به، ويكون مباحا، والا لكانت حرمة مؤبدة، وفي ذلك نقض لما شرعه الله بالزواج وصرح به بعد في قوله: ((فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله)) وفي قوله: ((فأتوا حرثكم أنى شئتم)) وإذا كان الاغتسال شرطا لحل القربان، مع أن الطهارة عما سوى الحيض والنفاس ليست بشرط له في صورة من الصور، فلان يشترط الاغتسال لحل الصلاة التى اشترطت لها الطهارة عن جميع النجاسات الحقيقية والحكمية في كل الاوقات، أولى.
وفي النفس شيء من هذا البيان، فإن الآية المشار إليها لاتعلق لها بالصلاة ولا بطهارة الصلاة، وإنّما جاءت تقرر حكما وسطا في علاقة الرجل بزوجه وقت المحيض، فهل عليه أن يعتزلها اعتزالا كليا بمعنى أنه لا يؤاكلها، ولا يشاربها، ولا يضاجها، ولا يجالسها فيه، كما كان شأن فريق من أهل الكتاب، أو له أن يخالطها مخالطة كلية بمعنى أنه لا يدع شيئا يريد أن يفعله معها الا فعله من أعمال