/ صفحة 192/
وفي حديث أنس رضي الله عنه: أنه كان يكره المحاريب، أي لم يكن يحب أن يجلس في صدر المجلس، ويترفع على الناس.
وقال ابو عبيدة: المحراب سيد المجالس، ومقدّمها واشرفها، وكذلك هو من المساجد.
وقال الاصمعى: العرب تسمى القصر محراباً لشرفه.
وقيل: المحراب الموضع الذي ينفرد فيه الملك فيتباعد من الناس.
قال الازهرى: وسمى المحراب محراباً لانفراد الامام فيه، وبعده من الناس.
وقال الفراء في قوله عزوجل: ((من محاريب وتماثيل)) : ذكر أنها صور الانبياء والملائكة، كانت تصوّر في المساجد ليراها الناس فيزدادوا عبادة.
وليس من شك في أن المسلمين ادخلوا في مساجدهم المحراب، بالمعنى الذي نعرفه الآن متأثرين بعمارة الكنائس عند المسيحيين، وبالحنية التي توجد في صدر الكنيسة، ومما يستحق الذكر أن هذه الحنيات يكون اتجاهها في الكنائس غالباً إلى جهة الشرق أي جهة بيت المقدس، وقد فطن كثيرون من مؤلفى العرب إلى أن المحراب متخذ من حنية الكنيسة.
وقد ألف السيوطى رسالة سماها ((اعلام الاريب بحدوث بدعة المحاريب)) ذكر فيما ما رواه البزار في مسنده عن عبدالله بن مسعود أنه كره الصلاة في المحراب، وقال: إنّما كانت للكنائس فلا تشبهوا بأهل الكتاب، وذكر حديثاً مرسلا رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن موسى الجهنى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاتزال هذه الأُمة أو قال أمتى بخير، ما لم يتخذوا في مساجدهم مذابح كمذابح النصارى... يعنى محاريب.
وليس علماء الاثار متفقين في تحديد التاريخ الذي بدأ فيه استعمال المحاريب في المساجد، ولكن أكثرهم يعتقد أن ذلك كان في عسر الوليد بن عبدالملك.
على أن هناك مساجد متأخرة لا محراب فيها. من ذلك الجامع القديم الذي بني لضريح الشيخ صفى الدين بأردبيل في القرنين السادس عشر والسابع عشر،