/ صفحة 182/
في الامامة والخلافة، واعلان النكير عليهم، والتهكم اللاذع بهم، واثارة الحفائظ عليهم، مما كان له وقع السياط، ولذع المحاوير:
بخاتمكم غصباً تجوز أمورهم *** فلم أر غصباً مثله حين يغصب
بحقكم أمست قريش تسوسنا *** وبالغذ منها والرديفين نركب(1)
وقالوا: ورثناها أبانا وأمنا *** وما ورثتهم ذاك أم ولا أب
فيا موقداً ناراً لغيرك ضوءها *** ويا حاطبا في غير حبلك تحطب
فقل لبنى أمية حيث حلّوا *** وان خفت المهند والقطيعا
ألا أف لدهر كنت فيه *** هداناً طائعاً لكم مطيعاً(2)
أجاع الله من اشبعتموه *** وأشبع من بجوركم أجيعاً
بمرضىّ السياسة هاشمى *** يكون حياً لامته ربيعاً
وبلغ الكميت من الاجادة، فوق الارادة - على حد تعبير أحمد بن عبد ربه - في مدحه لبنى هاشم، في جملته; على الرغم من رأى الفرزدق: أنه وجد آجراً وجصافبنى وفي هاشميته التي مطلعها:
من لقلب متيم مستهام
أقوى شاهد على هذه الاجادة; ولقد أعيانى أن أختار منها. لكثرة عيونها، يقول فيها يمدحهم ويوازن بينهم وبين بني أمية، وذلك شر أنواع الهجاء:
ساسة لاكمن يرعى النا *** س، سواءًو رعية الانعام
لا كعبد المليك، أو كوليد *** أو سليمان بعد، أو كهشام
رأيه فيهم كرأى ذوى الثلّة في النائجات جنح الظلام

ــــــــــ
(1) الفذ: الأول من قداح الميسر، والرديف: الذي يجىء بعد فوز أحد الايسار، فيسألهم أن يدخلوا قدحه في قداحهم.
(2) رجل هدان: بليد يرضيه الكلام، أو هو الاحمق الثقيل في الحرب.